بوجه شاحب وعينين مصفرتين، تتمدد الرضيعة سما أبو عجوة (تسعة أشهر) على سرير المرض في مجمع الشفاء الطبي بغزة، لكن لا تلوح في الأفق فرصة لتعافيها، بل يهددها الموت في أي لحظة.
"سما"، التي لا تعرف ما يدور حولها، تتطلب حالتها الصحية قطعة طبية تبلغ تكلفتها 10 دولارات، يمنع الاحتلال إدخالها إلى قطاع غزة، لتكون بذلك ضحية لمقتلة جماعية تتعدد أشكالها بين القتل بالنار والتجويع والتعطيش والحرمان من العلاج.
يقول المدير العام للمجمع د. محمد أبو سلمية، لصحيفة "فلسطين"، إن الرضيعة حضرت بأعراض مرضية تتمثل بتورم وشحوب في الوجه واصفرار في العينين وارتفاع في وظائف الكلي ودم في البول وانخفاض بكرات الدم الحمراء والصفائح الدموية، بعد أيام من الإسهال.
ويشخص هذا المرض علميا بـ"Hemolytic Uremic Syndrome (HUS)"، أو متلازمة انحلال الدم اليوريمية، التي يرافقها تكسّر كريات الدم الحمراء وانخفاض الصفائح الدموية وتأثّر وظائف الكلى.
ومن الأعراض المعروفة لهذه المتلازمة، شحوب وتعب شديد، قلة التبول أو انعدامه، تورم الوجه أو الأطراف، ارتفاع ضغط الدم، كدمات أو نزيف غير طبيعي بسبب نقص الصفائح، غثيان وقيء، وأحيانًا تشنجات أو اضطراب وعي في الحالات الشديدة.
ويوضح أبو سلمية، أن من مسببات هذا المرض، عدوى بكتيرية (الأكثر شيوعًا)، خاصة بكتيريا E. coli المنتجة للسموم، وغالبًا بعد إسهال شديد أو دموي، أو التهابات معوية ناتجة عن طعام أو ماء ملوث، أو بعض الأدوية (نادرًا)، أو أمراض مناعية أو وراثية (في النوع غير النمطي من HUS.
ويبين أن العلاج يتطلب أدوية تستهدف "جهاز المتممة" مثل Eculizumab (حسب التوفر والبروتوكول) وهو غير متوفر في غزة، أو غسيل كلى "وللأسف لا توجد قسطرة وريدية لوضعها للطفلة وشبكها على جهاز غسيل الكلى"، بحسب أبو سلمية.
يهدد ذلك حياة الطفلة التي قد تتوفى في أي لحظة، نظرا لكونها في حالة "حرجة جدا". يقول الطبيب: "تموت طفلة لعدم توفر قطعة ثمنها أقل من 10 دولارات".
يسلط ذلك الضوء على واقع آلاف المرضى والجرحى الذين يمنع الاحتلال إدخال الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية اللازمة لعلاجهم، كما يحرمهم من السفر لتلقي العلاج.
ويصف أبو سلمية منع إدخال الأدوية والمستهلكات الطبية، بأنه حكم بالإعدام على المرضى جميعا.
ورغم سريان اتفاق وقف حرب الإبادة الجماعية في 10 أكتوبر/تشرين الأول، فإن الاحتلال يتنصل من التزام البروتوكول الإنساني، ويواصل فرض الحصار على المساعدات الإنسانية ومستلزمات الحياة والعلاج للغزيين.
"سما ستكون في عداد الشهداء من جراء ذلك"، يحذر أبو سلمية من مصير لا إنساني يواجه الطفلة الرضيعة، بينما يستمر الاحتلال في حصار غزة.

