فلسطين أون لاين

على غرار "صفقة شاليط"

"أوراق رابحة" تملكها "القسام" لإبرام صفقة تبادل جديدة

...
صورة أرشيفية
غزة/ أحمد المصري:

حلّت الذكرى الثامنة لصفقة وفاء الأحرار، التي أجبرت المقاومة بموجبها الاحتلال الإسرائيلي على إطلاق سراح 1050 أسيرًا مقابل الجندي جلعاد شاليط، في حين تتطلع أنظار الأسرى وذووهم إلى إبرام صفقة جديدة، مع ما أعلنته كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في مناسبات عدة وجود جنود إسرائيليين أسرى لديها.

وكانت "القسام" أسرت في حزيران (يونيو) 2006م الجندي في جيش الاحتلال جلعاد شاليط، واحتجزته على مدار أكثر من خمسة أعوام، وأفرجت عنه بموجب صفقة وفاء الأحرار لتبادل الأسرى مقابل الإفراج عن 1050 أسيرًا من سجون الاحتلال في تشرين الأول (أكتوبر) وكانون الأول (ديسمبر) 2011م.

ويقول الخبير في الشأن الإستراتيجي والعسكري، إبراهيم حبيب: "إنّ "القسام" أعلنت رسميًّا امتلاكها "أوراقًا رابحة"، ما يُمكّنها من تبييض سجون الاحتلال الإسرائيلي من الأسرى الفلسطينيين، لاسيما أصحاب الأحكام المرتفعة".

ويوضح حبيب لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال الذي يحاول الابتعاد عن دفع استحقاق عملية تبادل جديدة، وتجاهل ما تمتلكه المقاومة من أوراق قوة تتمثل في جنود أسرى، يعيش فعليًّا في "مرحلة عض الأصابع".

وفي 20 تموز (يوليو) 2014م، أعلنت "القسام" أسرها الجندي في جيش الاحتلال شاؤول آرون، في أثناء تصديها للعدوان البري الإسرائيلي شرق مدينة غزة.

وظهر المتحدث باسم "القسام" أبو عبيدة، في بيان متلفز مقتضب عبر قناة الأقصى الفضائية، في 2016م، وبدت صور أربعة من جنود الاحتلال في مقطع الفيديو، هم: "آرون"، وهدار غولدن، وأبراهام منغستو، وهاشم السيد.

وقال أبو عبيدة آنذاك: "أي معلومات عن مصير هؤلاء الجنود الأربعة لن يحصل عليها العدو مجانًا"، مضيفًا: "إن (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو يكذب على شعبه، ويضلل جمهوره وأهالي وذوي جنوده الأسرى".

ووفقًا لحديث حبيب، إن الاحتلال يحاول الرهان على كشف مكان جنود الأسرى لتحريرهم، أو قتلهم مع آسريهم، لئلا يدفع أي استحقاق كما جرى في الصفقة التي أطلق بموجبها شاليط.

وأعلنت "القسام" في كانون الآخر (يناير) 2016م وحدتها الأمنية السرية "وحدة الظل" التي يسند لها تأمين الأسرى الإسرائيليين.

وينبه حبيب إلى أن لدى "القسام" ورقة رابحة يمكن الاعتماد عليها، ما يشكل حلقة إنجاز صفقة تبادل مستقبلية، فالكتائب نجحت في إخفاء شاليط خمسة أعوام، عبر وحدة الظل، في حين فشلت المنظومة الأمنية الإسرائيلية على كامل قدراتها وإمكاناتها في العثور عليه أو التوصل إلى أي من الخيوط التي تمنع عملية إتمام الصفقة.

ويقول: "إن المقاومة لم تتحدث صراحة ومباشرة عما تمتلك، سوى الجندي "آرون"، وهي ورقة ضغط أخرى على الاحتلال، تحتاج إلى المزيد من التحلي بالصبر، للوصول إلى صفقة مشرفة، وإفراغ السجون فعليًّا من الأسرى الفلسطينيين".

وفي طور ما تمتلك المقاومة من أوراق ضغط وقوة باتجاه التوصل إلى صفقة تبادل، تعيش قيادة جيش الاحتلال والمستوى السياسي الإسرائيلي في حالة من تدني المعنويات، والتعامل بحذر كبير مع هذه القضية؛ وفق حديث حبيب.

ويضيف: "الصفقة ستنجز وهي قادمة، لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تنضج الأمور جيدًا، والمقاومة هنا لن تنهي الصفقة بأي ثمن، وإنما بدفع الاحتلال الثمن المطلوب، وإخراج كل أصحاب المحكوميات العالية".

أما الخبير في الشأن العسكري يوسف الشرقاوي فيؤكد أن المقاومة في غزة -دون أدنى شك- تمتلك ما سيصل حتمًا إلى عقد صفقة تبادل، وسيجد الاحتلال بمستوياته السياسية والعسكرية نفسه مرغمًا على ذلك.

ويقول الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": "إن "القسام" استخدمت تدريجًا أوراقًا في إطار الضغط على الاحتلال للقدوم إلى مربع التبادل، كما كان الحال في حملات الضغط والرسائل التي وجهتها إلى مجتمع الاحتلال، وإلى ذوي الجنود الأسرى في مناسبات عدة".

وفي نيسان (أبريل) 2019م بثت "القسام" رسالة مصورة على شكل "أغنية"، موجهة للإسرائيليين باللغة العبرية، قالت فيها: "حكومتكم تكذب عليكم".

وكانت الرسالة، المقتبسة من أغنية إسرائيلية شهيرة اسمها "بحر من الدموع" للمغني "زوهار أرجوف"، تحكي واقع الجنود الأسرى لدى الكتائب.

ويشدد الشرقاوي على أن الاحتلال يدرك في نهاية المطاف أن هناك ثمنًا لابد من دفعه، لكنه يعتقد أن نتنياهو لا يمكن أن يكون هو من سيدفع هذا الثمن، بسبب حالة الضغط التي يعيش فيها سياسيًّا وملفات الفساد التي تحيط به، إلى جانب إقرار أحزاب الاحتلال بأن صفقة وفاء الأحرار كانت انتصارًا كبيرًا للمقاومة بغزة.

وفشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف حكومي بعد انتخابات أيلول (سبتمبر) 2019م، كما فشل في ذلك بعد انتخابات نيسان (أبريل) من العام نفسه.

وعن مساعي الاحتلال لـ"كسب الوقت" في محاولة للحصول على أي معلومات عن جنوده الأسرى لدى المقاومة، يجزم الشرقاوي أن محاولاته لن تكون مجدية له، لاسيما أن المقاومة واعية، ولديها تجربة ناجحة في هذا المضمار.

وتشترط "القسام" بدء أي مفاوضات مع الاحتلال بإفراجه عن العشرات من محرري صفقة وفاء الأحرار، الذين أعاد أسرهم.