فلسطين أون لاين

ما الذي تخفيه أضخم صفقة غاز بين "إسرائيل" ومصر؟

...
صورة من الأرشيف
متابعة/ فلسطين أون لاين

صادق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، على اتفاق واسع النطاق لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، واصفًا إياه بـ“أكبر صفقة غاز في تاريخ "إسرائيل"”، بقيمة إجمالية تبلغ 112 مليار شيكل (نحو 35 مليار دولار)، في وقت لم يصدر فيه أي تعليق رسمي مصري على الإعلان الصادر عن حكومة الاحتلال.

وقال نتنياهو، في كلمة متلفزة إلى جانب وزير الطاقة إيلي كوهين، إن حكومة الاحتلال أقرت الصفقة بعد “ضمان المصالح الأمنية والحيوية لـ"إسرائيل"”، دون تقديم تفاصيل إضافية، مشيرًا إلى أن نحو نصف عائدات الاتفاق ستعود إلى خزينة الاحتلال.

وأضاف، أن الصفقة تُلزم الشركات الموقعة ببيع الغاز بأسعار "مناسبة للمستهلك الإسرائيلي"، وفق تعبيره، إلى جانب تمكين مصر من الحصول على الغاز.

وأضاف نتنياهو، أن "إسرائيل" تعمل على استخراج الغاز من مياهها الإقليمية، واقتصادها من الأفضل في العالم، بحسب وصفه، مؤكدا أن "استخراج الغاز قد حقق أرباحا طائلة لإسرائيل".

وأوضح رئيس وزراء الاحتلال أن الاتفاق، الذي تأخر إقراره بسبب خلافات داخلية، من شأنه أن يعزز الاستقرار الإقليمي، لافتًا إلى أن "إسرائيل" تواصل توسيع عمليات استخراج الغاز من مياهها الإقليمية، معتبرًا أن قطاع الغاز حقق “أرباحًا طائلة” لاقتصاد الاحتلال.

تفاصيل الاتفاق وحقل ليفياثان

وبحسب ما أُعلن، تدير شركة “شيفرون” الأميركية حقل "ليفياثان" للغاز في شرق البحر المتوسط، والذي بدأ الإنتاج عام 2020، ويزود كلًا من مصر والأردن بالغاز الطبيعي.

وفي أغسطس/آب الماضي، كشفت شركة "نيو ميد"، أحد الشركاء في الحقل، عن اتفاق لتوريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار.

ومن المتوقع أن يتم توريد الكميات المتفق عليها على مرحلتين، تبعًا لتوسيع خط الأنابيب المخصص لنقل الغاز، علمًا بأن اتفاقًا سابقًا وُقّع عام 2019 نصّ على شراء مصر 60 مليار متر مكعب من الغاز من "إسرائيل".

واستغرقت المفاوضات حول الصفقة الحالية قرابة عامين، وشهدت خلافات داخل حكومة الاحتلال، إذ عارض وزير الطاقة إيلي كوهين الاتفاق في مراحله الأولى، مطالبًا بضمان تزويد السوق الإسرائيلية بالغاز بأسعار منخفضة قبل التوسع في التصدير.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر نتنياهو تعليماته بعدم استكمال تنفيذ الاتفاق إلا بعد الحصول على موافقته الشخصية.

كما أفادت وسائل إعلام عبرية بأن الولايات المتحدة مارست ضغوطًا على حكومة الاحتلال لدفعها نحو تمرير الاتفاق مع القاهرة.

وقال رئيس وزراء الاحتلال إن نحو 58 مليار شيكل (قرابة 18 مليار دولار) من عائدات الصفقة ستدخل خزينة "إسرائيل" خلال السنوات المقبلة، مؤكدًا أن هذه العائدات ستُخصص للاستثمار في قطاعات التعليم والبنية التحتية والأمن.

وفي بعد سياسي محتمل، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن مصادقة نتنياهو على الصفقة قد تمهّد لعقد لقاء ثلاثي يجمعه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة نهاية ديسمبر/كانون الأول الجاري.

نفوذ استراتيجي متصاعد

ويرى خبراء أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول استخدام ملف الغاز كورقة ضغط سياسية، سواء في العلاقة مع القاهرة أو في مفاوضاتها حول مستقبل قطاع غزة، وسط انتقادات داخلية إسرائيلية وأخرى أميركية لتحويل الصفقة إلى أداة سياسية.

من جانبه، أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور أن "إسرائيل توظف علاقاتها الاقتصادية مع مصر لتحقيق مكاسب سياسية تتعلق بترتيبات ما بعد الحرب في غزة، لكنها تخاطر بإفساد علاقات استراتيجية مع القاهرة"، مشيراً إلى أن "مصر تضع أمنها القومي فوق أي اعتبارات اقتصادية".

 وتشير تقارير مثل مجلة "إيبوك" وصحيفة "معاريف" إلى أن الصفقة تمنح "إسرائيل" نفوذًا استراتيجيًا على كل من مصر، مما يجعلها قوة إقليمية صاعدة دون الحاجة لأي عمل عسكري.

وفي الوقت ذاته، تؤكد القاهرة أن الاتفاق تجاري بحت يهدف إلى دعم الاستقرار الطاقي وتحقيق هدفها المعلن بأن تكون مركزاً إقليمياً لتجارة الغاز في شرق المتوسط، دون أي ارتباطات سياسية أو تنازلات سيادية.