فلسطين أون لاين

​توصيات مؤتمرات حقوق ذوي الإعاقة حبيسة الأدراج أم منسية؟

عقدت المؤسسات الحكومية والأهلية (الوزارات، ومؤسسات التأهيل، والمؤسسات النسوية والشبابية) الآلاف من ورش العمل والمؤتمرات بمشاركة المسئولين وصناع القرار، تطلعًا إلى تقديم خدمات نوعية للأشخاص ذوي الإعاقة، أو البحث عن آليات ذات جودة عالية من الخدمات، بهدف إحداث نقلة نوعية لحياة هؤلاء الأشخاص في فلسطين.

ومن اطلاعي على معظم الفعاليات والمؤتمرات أو مشاركتي فيها، واستطعت حصرها قدر الإمكان من أجل الوقوف على ما قدمت هذه اللقاءات للأشخاص ذوي الإعاقة، بعد مرور 20 عامًا على إصدار قانون حقوق المعوقين رقم 4 لعام 1999م، وست سنوات على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة؛ لم أرَ معظم توصياتها مطبقة على أرض الواقع، ولا أعرف أحبيسة الأدراج وغبارها هي أم في طي النسيان؟

ومع ما تشير إليه إحصاءات رسمية من وجود نحو 128 ألفًا من الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، والحصار المشدد منذ سنوات على القطاع؛ ما يزال هؤلاء يواجهون مصاعب جمة، رغم أن حقوقهم مكفولة في المعاهدات والعهود الدولية والإقليمية والمحلية.

ورغم ما قيل في آلاف المؤتمرات واللقاءات التي عقدت على مدار 20 عامًا، وما أوصت من تأكيدات لضمان التمتع الكامل لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع الحقوق والحريات الأساسية ومساواتهم بالأصحاء، وتعزيز احترام كرامتهم، بهدف تحقيق تكافؤ الفرص، ودمج قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجيات التنمية المستدامة؛ إن ما قيل لم يطبق بنسبة كبيرة داخل المجتمع الفلسطيني.

ولو نفذت هذه التوصيات لأحدثت نقلة نوعية لحياة الأشخاص ذوي الإعاقة بما شملته من ضرورات تعزيز وتنفيذ واحترام القوانين الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة والتوعية بحقوقهم، وتشكيل جسم تنسيقي موحد، وفرض عقوبات رادعة لعدم تطبيق القوانين واللوائح التنفيذية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

تطوير العمل الإعلامي

إن تطوير العمل الإعلامي المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة هو إحدى الوسائل الحضارية التي تخلق أجواء إيجابية وداعمة لتطبيق ما تنص عليه المؤتمرات واللقاءات الداعمة لحقوقهم، بهدف النهوض بواقع تعاطيها مع الأشخاص ذوي الإعاقة وقضاياهم وحقوقهم وتعزيز مكانتهم في الإعلام والمجتمع على حد سواء.

إن هناك ضرورة لتوعية الإعلاميين الممارسين المهنة مختلف قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم واحتياجاتهم وتدريبهم على أساليب معالجتها وفقًا للنموذج الحقوقي التنموي، ضمن رؤية عصرية تحترم كرامتهم، وإعداد وإصدار دليل إرشادي شامل لخدمة الإعلاميين يوضح الطرق المثلى في معالجة كل القضايا المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة والإعلام، ومن ذلك اللغة والمصطلحات، والمفاهيم والفلسفة، والتقنيات والمواصفات المثلى للأعمال الإعلامية الموجهة للجمهور، لاسيما إن كانت عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإصدار مدونة سلوك توجه عمل الإعلاميين ووسائل الإعلام بما يناسب حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المجال الإعلامي وأخلاقيات المهنة، وتطوير شبكة رصد وطنية لمتابعة التحديات والانتهاكات والتجاوزات التي تحدث في القطاع الإعلامي، ولتوجيه مسيرة المؤسسات الإعلامية في هذا المجال.

عمل مؤسسي للتشغيل

نرى حاجة ملحة إلى صياغة وتطوير وتعديل القوانين والتشريعات الوطنية، وتفعيل الآليات الضرورية لتطبيق التشريعات واللوائح التنفيذية ذات الصلة فيما يتعلق بتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، والبدء بتنفيذها في المؤسسات الحكومية دون تأخير، وضمان توفير السلامة العامة (المهنية والصحية) في مكان العمل، وتهيئة ومواءمة مكاتب وزارة العمل لوصول الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير المواصلات المناسبة لتسهيل انتقالهم وحرية الحركة لهم بين مكان العمل والسكن، ومطالبة مؤسسات المجتمع المدني المختلفة -خاصة الحقوقية منها والمتخصصة في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة- بتطوير برامج التوعية والتثقيف على المستويات كافة لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحقهم في العمل اللائق، والمساهمة في تغيير النظرة المجتمعية السلبية إلى الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير الوسائل المساعدة لعمل الأشخاص ذوي الإعاقة، وتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة على كيفية الانخراط في المجتمع ليصبحوا فاعلين أكثر.

أيضًا هناك حاجة لتشكيل لجنة تنسيق من مؤسسات المجتمع المدني، والمؤسسات العاملة في ميدان رعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة من أجل زيادة الخدمات التأهيلية المقدمة لهم، ووضع خطة عمل سنوية، وتفعيل وإدراج موضوع الأشخاص ذوي الإعاقة في صلب برامجها ونشاطاتها، وزيادة برامج التوعية والتثقيف في ميدان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ورفع مستوى تأهيل وتدريب الأشخاص ذوي الإعاقة، وإكسابهم مهارات وآليات الضغط والمناصرة لقضاياهم، من أجل تعزيز قدرتهم على الضغط على صناع القرار السياسي.

وأخيرًا تجدر الإشارة إلى ضرورة أن تدعم المشاريع والخطط والبرامج والتحركات والمبادرات النساء ذوات الإعاقة في عملية تمكينهن وتعزيز الفرص التي يتمتعن بها، للعب دور فاعل في تطوير وتنمية مجتمعاتهن، وضمان ألا تكون النساء ذوات الإعاقة ضعيفات التمثيل في المحافل العامة والآليات الاستشارية التي يشاركن فيها.