يُعتبر التفاهم والمودة والرحمة ركائز أساسية لاستمرار الحياة الأسرية بين الزوجية، ولكنّ حينما تنعكس هذه المفاهيم، هنا يبقى "الطلاق" الحل الوحيد، رغم أنه أبغض الحلال عند الله سبحانه وتعالى.
ويُعرف الطلاق بأنه انفصال الزّوجين عن بعضهما البعض بطريقةٍ شرعيّة، وعن طريق إجراءات حكوميّة لوجود سبب يمنع الحياة الزوجيّة أو استمرارها.
" أبويا كان السبب" هذا ما قالته م.ع عند سؤالها عن سبب الطلاق، حيث تم خطبتها من شاب ودفع مهرها كاملاً لأبيها، وعند اقتراب موعد الزفاف تفاجأت بأن أبيها صرف المهر، وعلم خطيبها بالأمر، واثر ذلك حدثت مشاكل كبيرة بين الطرفين.
وأضافت " تصرف أبي واشترى لي بعض الملابس وتم الزفاف على خير، ولكن أهل زوجي لم ينسوا أمر المهر لذلك عاملوني معاملة سيئة من ضرب وإهانات وأكثر، لم أحتمل ذلك طويلاً خاصة أن عمري فقط 18 عاماً، طلبت الطلاق رفض زوجي بالبداية كنوع من العقاب، ولكن مع محاولات كثيرة وافق ونلت حريتي".
لم تختلف النتيجة مع أ.ح ولكن اختلفت الأسباب، فتقول "تعرفت على زوجي من خلال عملي في شركة بعدها تزوجنا وكانت الأمور شبه معقولة ، ولكن بعد ذلك حدثت الكثير من المشاكل الكبيرة بيننا وطلبت منه الطلاق ولكن رفض طمعاً في مرتبي".
وأردفت حديثها "ذهبت إلى بيت أهلي لمساعدتي في حصولي على الحرية ولكن رفضوا خشية من كلام الناس، بعد شهر قرر أخي الكبير مساعدتي ووقف إلى جانبي حتى تم الأمر".
مباح شرعاً
بدوره، عرّف بسام العف أستاذ الفقه وأصوله في قسم الدراسات بجامعة الأقصى الطلاق على أنه رفع قيد النكاحالمنعقد بين الزوجين بألفاظ مخصوصة، وعلى الرغم أنه أبغض الحلال عند الله إلا أنه مباح شرعاًبالقرآن والسنة واجماع العلماء أيضاً.
واستشهد بقوله تعالي (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان)، ليدلل على مشروعية الزواج من القرآن الكريم، دلل أيضا على جوازه بفعل النبي وتقريريته وقد وقع الاجماع على جوازه.
وأوضح العف خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الطلاق نوعين من ناحية اللفظ، الأول الطلاق الصريح الذي يقع بلفظ كلمة (انت طالق)، والنوع الأخر هو طلاق الكناية يتم بلفظ الزوج جمل مثل (اذهبي إلى أهلك)، وهذا يختلف عن الصريح كونه يحتمل وقوع الطلاق أو لا، والذي يحدد ذلك النية.
وأكد العف، بوقوع ضرر كبير على الأسرة ككل نتيجة الطلاق، خاصة اذا كانت الزوجة من أقارب الزوج فهذا يعني مشاكل وعداوة طويلة المدى بين العائلتين، ولكن الضرر الأكبر يقع على الأبناء مما يؤدي إلى ضياع مستقبلهم وعدم تلقي أي اهتمام بسبب عدم العيشباستقرار.
وقال: "هناك أسباب عديدة للطلاق، أهمها الاختيار الخاطئ لشريك الحياة المبني على عدم قناعة أو ضغط من الأسرة، تدخل الأهل بشكل كبير ومبالغ فيه، عدم نفقة الزوج على زوجته بالشكل المطلوب"، متابعاً أنه يمكن حل ومعالجة الطلاق بالابتعاد عن كل ما سبق ذكره.
وافق المحامي حماد الدحدوح قول العف من ناحية أسباب الطلاق، مضيفاً أن هناك أسباب أخرى أيضاً منهاعدم فهم الزوجين طبيعة كل منهما المختلفة عن الآخر، رسم الزوجين للأحلام الوردية والحياة الخالية من المشاكل قبل الزواج، مما يؤدي إلى حدوث صدمة عند أول اختلاف أو مشكلة بعد ذلك، ونمط الحياة المتكرر.
ونوه الدحدوح إلى أن أغلب حالات الطلاق تقع وفق أسباب بسيطة جداً، ونادر ما يتم الطلاق لأسباب كبيرة مثل عقم الزوجة، او العنف والادمان، مضيفاً أن أكثر الحالات تكون نتيجة تدخل الأهل في مشاكل الزوجين.
وأشار إلى الحالات التي يجوز للمرأة طلب الطلاق في حال حدوثها، وهي غياب الزوج لفترة طويلة سواء سفر أو هجر للزوجة، امتناع الزوج عن النفقة، وجود عيب دائم كالعقم، وجود مرض معدٍ أو مزمن، تركه للفرائض ،ارتكابه للمحرمات ، ادمانه على المخدرات ، وتعنيف الزوجة وتعرضها للإهانة.
وكان المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة، أكد انخفاض معدلات الطلاق مقابل انخفاض معدلات الزواج في عام 2018 مقارنة بالعام الماضي 2017.
وذكر المجلس، أن عدد حالات الطلاق بلغت في عام 2018 (3171) حالة، في حين بلغ عدد حالات الطلاق في 2017 (3255) أي اقل من العام الماضي (84) حالة، وأن حالات الطلاق لا تعود لارتفاع نسبة الطلاق مقارنة بالزواج، بل لانخفاض تعداد الزواج.