قديمًا قالوا إن الجمال ليس بأثواب تزيّن، ولا أموال تظهر عطاياها، بل بعلم يكسو صاحبه جلالا، وأدب يجلب له احترامًا وإجلالًا، بل ربما يكون مرقعَ الثياب لكنه مهيب الجانب له مكانة عظيمة في قلوب الناس، هذا في الرجل والمرأة جميعًا، لكن المرأة في ذي شأنها وأمرها أهمّ وأعظم.
قال الأستاذ المساعد في قسم الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأقصى د. محمد عوض حجابُ: " يتحدّث الكثيرون عن أن حجاب الأخت المسلمة ليس شرطًا أن يكون نقابًا يغطي وجهها إلا عينيها أو يغطيه ويديها، لأنها إن فعلت ذلك ولبست الضيّق من الجلبابات أو اختارت لحجابها ألوانًا جاذبة، أو عرضته بأسلوب فاتن، لم تكن منتفعة بسترتها لأنها لم تفعل بعدُ".
وأضاف د. عوض لـ"فلسطين" : "مما يعني أن واجبها أن تحافظ على نفسها كدُرّة مكنونة وجوهرة مصونة، تلتزم مظهرًا باقتناع، وليس لها أن تدلّس على نفسها بأن "الإيمان إيمان القلب".
وتابع: " وأنها ما دامت تصلي وتصوم وتقرأ القرآن يوميًّا –وهذا الجوهر فقط في نظرها- فلا حرج من لباسٍ ضيّق، و"مكياج" خفيف، فـ"الله جميل يحب الجمال"، أو مجمّل للأظافر حتى لا يظهر "سواد ما بعد الباذنجان"، وما إلى ذلك من تسويلات وتزيينات وتزييفات شيطانية.
ولفت د. عوض إلى أن المسألة أعظم من ذلك بكثير؛ إذ ليس لها أن تحصَر حتى في التزام الحجاب وكونه بالشكل الشرعيّ المطلوب تمامًا فقط، بل هو وجوهٌ متعدّدة وألوان متنوّعة.
وعدد وجوه احتشام المرأة والتي أسماها وأرقاها ما كان حالةً حجابيّة تجعله على صوتها فلا تخضع، وتكسوه مِشيتها فلا تتقصّع، وتبسطه على أسلوبها فلا تتسكّع، وتلبسه حركاتها فلا تتمايع، ولا تستغلّ كونها كذلك فتترك المجال لنظرها، أو تصنع ما قد يكون تشويهًا لمثيلاتها، فهذه أمانة، يضيّع الله من ضيّعها، وقد يكشف عنه ستره إذا أصرّ أو جاهر، ولم يؤب ويتب.
وأكد د. عوض أن أهمّ الحُجُب بإطلاق هو حجاب النفس لا حجاب الجسد، قائلا : " وكم ستر اللباسُ عقولَ صامتين حتى تكلموا فنطق الغباء على ألسنتهم فبسط أبو حنيفة قدميه، وكم ستر نَهمَ آخرين حتى جالسناهم على طعام فكنّا لأسلوبهم من القالين".
ولفت إلى أن حجابًا ترتديه صاحبتُه لا يرتقي بنفسها، ولا يسمو بروحها، ولا يشرق بأنوارها الباطنة، ولا يعلّمها الرزانة ويحجبها عن الابتذال، ليس حجابًا بحال، وطوبى لمن حتى لو لبسته عن غير اقتناع صار سجيتَها مخبرًا ومظهرًا، وأضحى بركةً عمّت جميع أقوالها وأفعالها فهداها الله السبيل، ووفقها لنظافة النقيبة، وأرضاها بقسْمه لها، وحازت من الناس تبجيلا وتكريمًا.