فلسطين أون لاين

​هل يقرّ الشرع العلاج بأسماء الله الحُسنى وآيات القرآن؟

...
غزة - آلاء المقيد

لا عجب أن ترى إنسانًا يبكي حين تُرتل عليه آية من القرآن الكريم أو يُكرر عليه بخشوعٍ اسم من أسماء الله الحُسنى بنية الشفاء أو الرزق أو المغفرة, فمن الناحية النفسية حين يؤمن المرء بفكرةٍ ما يشعر عند تنفيذها بأن لها تأثيرًا فريدًا من نوعه عليه, كراحةٍ تسري في أنحاء جسده, بل والكثير يعتقد أن ذلك يؤثر إيجابًا في خلايا الدماغ أيضًا, فما حقيقة ذلك من الناحية الشرعية؟

بعض الباحثين يعتقدون أن كل اسم من أسماء الله الحسنى إذا تكرر بعدد محدد من المرات فإنه يشفي من مرض محدد, وأن في كلمات القرآن وتكرارها شفاء من الأمراض, أما البعض الآخر أنكر ذلك بحجة أن لا دليل شرعي أو علمي على ذلك, وأنه لا يمكن أن نلزم الناس بأعداد محددة لكل اسم من أسماء الله الحسنى.

د. صابر أحمد عميد كلية الصحابة الجامعية, يقول في ذلك: "لا يوجد دليل شرعي يُثبت أن كل اسم من أسماء الله الحسنى إذا تكرر بعدد محدد من المرات فإنه يشفي من مرض محدد, والاجتهاد لا يصح في الأمور الغيبية؛ لأنها تحتاج لدليل شرعي", مبينًا أن من يستخدم ذلك يعتمد على "حساب الجُمّل" في العلاج كتكرار اسم البصير بعدد معين مثلًا شفاء للعين.

وحساب الجمّل هو حساب قديم ناتج عن حاجة البشر إلى التعبير عن الحروف بالأرقام، فكانوا يعطون لكل حرف من حروف اللغة رقمًا خاصًا به، ويختلف هذا الرقم من حضارة لأخرى, فحرف الألف رقمه 1 وحرف الباء رقمه 2 وحرف الجيم رقمه 3 وحرف الدال رقمه 4 وهكذا.

ويُحاول بعض الباحثين إقحامه في القرآن الكريم، حتى يبدو وكأن الله تعالى رتب كلمات كتابه وحروفه وآياته وسوره بناء على هذا الحساب، وهذا منهج خاطئ في التفكير, وقد كان هذا الحساب مستخدمًا من قبل اليهود بكثرة، ثم من قبل العرب في التأريخ لبعض الأحداث بدلًا من كتابة التاريخ يكتبون كلمات لو أبدلنا كل حرف بقيمته وجدنا ذلك التاريخ.

ويُوضح د. أحمد في حديث مع فلسطين, أن من يدعو الله بأسمائه بنيّة ما دون ذكر الحاجة كتكرار يا رزاق بنية الرزق لا يجوز, فالمناداة على الله دون الطلب منه فيه استهتار بالله عز وجل".

وتابع: "البعض يقول إن الله تعالى أودع في أسمائه طاقة يمكن أن تكون وسيلة للشفاء والرزق والمغفرة والرحمة والحماية من الأمراض والمخاطر والشر وغير ذلك, العلاج بالطاقة أيضًا لا يجوز من الناحية الشرعية ولا يوجد عليه دليل واضح".

وشدد في معرض حديثه على أن استخدام بعض الشيوخ تلك الوسائل للعلاج أو الرقية الشرعية لا يصح, ومن أراد أن يُعالج بالطاقة, عليه ألا يربط الفيزياء بالدين إلا بدليل:" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين".

وأردف د. أحمد عن الاستخدام الصحيح لأسماء الله الحسنى: "أما ما هو موجود بالدليل الشرعي هو الدعاء بأسماء الله الحسنى ونسأله الشفاء أو الرزق والمغفرة وغيرها لقوله تعالى:" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها", مثلًا من يُصيب بمرض البصر يدعو الله ويسأله باسمه البصير" يا بصير بصرّني, وأعطني قوة العينين".

ومن الأخطاء التي يقع بها بعض الشيوخ على سبيل المثال: "الاعتقاد بأن كل اسم من أسماء الله له خادم, مثلًا عند تكرار اسم اللطيف يأتيه خادم هذا الاسم ويقضي حوائجه", وهذه كلها خرافات لا يصح التعامل معها وعلى الناس عدم الإيمان بها وفقًا لقوله.

وأشار إلى أن استخدام آيات القرآن للشفاء والرقية الشرعية يجوز شرعًا, فخذ من القرآن ما شئت لِما شئت, أما تكرار كلمات معينة من القرآن بنية العلاج من مرض ما, فذلك لا يجوز.

ويستطرد بالقول: "ما يصحّ للرقية الشرعية هو ما أخذناه عن النبي صلى الله عليه وسلم الفاتحة والمعوذات, واستخدام الآيات التي ذكرت الجن والعلاج منه, كذلك استخدام القرآن لقضاء الحوائج كقراءة سورة "يس" لتيسير الأمور, وسورة "الرعد" للرزق, كل ذلك يقرّ به الشرع وعليه دليل, لكن هل فعلًا لآيات القرآن تأثير على خلايا جسم الإنسان بحيث تبعث الراحة له؟ يرّد: "نعم كلمات القرآن لها تأثير على جسم الإنسان وخلايا دماغه بل فيه شفاء ورحمة للعالمين".