فلسطين أون لاين

​لماذا نخاف من التقاعد؟

ذهبتُ ذاتَ يومٍ لفرحِ عائلي، همس بأذني رجلٌ من أصدقاء العائلة بأنه لا يرغب بالجلوس بجوار رجل من العائلة، رغم أنهما أصدقاء وزملاء في نفس المهنة، فسألته لماذا؟ قال: كلما جلستُ معه فتح موضوع التقاعد.

المعروف أن الإنسانَ يقضي فترةً من حياتهِ وخاصة من مرحلة الشبابيبحث عن عملٍ يحقق من خلاله ذاته، وحينما يجده يفرح كثيرًا، وما أن يبدأه حتى يبدأ بالتذمر منه، ومع مرور الوقت يقتله روتينه ويتمنى التخلص منه، وما أن يحين وقت التقاعد يشعر وكأنه يُساق إلى الموت، فيُصاب بالإحباط والتذمر، وتشغله أفكار، وهواجس، وهنا اسألُ: كيف نعالج هاجس الخوف من التقاعد؟.

أثبتت الدراسات أن 90% من حوادث الموت المفاجئ للرجال الذين بلغوا الخامسة والستين تكون في الشهر الأول لتقاعدهم، لأن صدمة الفراغ قاتلة، فالناس لا يموتون من كثرة العمل وإنما يموتون من قلته والضجر، وقد أكتشف أطباء بريطانيون مادة في الجسم (إينكافلين) تظهر فجأة عندما يتعرض الجسم لألمٍ عارضٍ مفاجئٍ، فتخففه، وتتضاءل فعاليتها بتوقف الإنسان عن العمل أو عن تحمل المسؤوليات، وتصبح حالته كمن تعاطى المورفين و انقطع عنه فجأة، لهذا يخاف الإنسان من التقاعد، أما عن كيفيةيمكن المعالجة، فلو اسقطنا قاعدة "درهم وقاية خير من قنطار علاج" على التقاعد سنصل لنتيجة مفادها بأن الاستعداد لمرحلة التقاعد يخفف من الأثر النفسي السيء، وهنا أذكر أفكارًا قد تساعد المتقاعد في كيفية التأقلم مع واقعه الجديد:

أفكار ينفذها داخل البيت:

1_ النظر للتقاعد على أنه فرصة ذهبية حررته من قيود الروتين العملي.

2_ الاهتمام بالقرآن والسيرة النبوية حفظاً وفهماً وتدبراً.

3_ العودة لممارسة مهارة أو لعبة كان يحبها لكنه انقطع عنها بسبب الوظيفة.

4_لو كان عنده قطعة أرض يمكنه زراعتها بأشجار مثمرة أو زينة.

4_ الاقبال على القراءة والكتابة، وكتابة تجاربه وخبراته وذكرياته.

5_ متابعة برامج تلفزيونية.

6_ تعلم لغة جديدة، مهارة جديدة الرسم والكتابة.

أفكار ينفذها خارج البيت:

1_ وضع برنامج لزيارات عائلية، أصدقاءه القدامى.

2_ زيارة مكان عمله والالتقاء بزملائه الموظفين لاسترجاع الذكريات، ويمكن زيارتهم في بيوتهم.

3_ التطوع في مؤسسة، ولو يوم في الأسبوع بحيث يشارك في صياغة برامجها، وصناعة أفكارها.

4_ زيارة أماكن يحبها ارتيادها مثل مسجده القديم، مدرسته الابتدائية والإعدادية والثانوية، وجامعته التي تخرج منها.

مقهى كان يرتاده في شبابه، نادي رياضي، سوق شعبي، زيارة المنطقة التي ولد فيها وعاش فيها شبابه.

5_ المشاركة في الفعاليات العامة مثل المؤتمرات والأيام الدراسية والندوات التي تتناول قضايا عامة ويدلي بدلوه بحكم أنه صاحب تجربة.

_ استثمار مواقع التواصل الاجتماعي من أجل نشر خبراته للجميع.

_ فتح مكتب خاص به لو كان يحمل شهادة عملية مهندس أو محامي أو محاسب.

_ ممارسة رياضة المشي ولو ساعة يوميًا.

أخيرًا: أقول لكل مقبل على التقاعد، كل تقاعد وأنت بخير، ولا تنظر لمرحلة التقاعد على أنها النهاية، فالإنسان الغربي يرى أن التقاعد بداية انطلاق نحو الفضاء الواسع، فالعمر ليس أرقامًا نعددها، والتقاعد حرية جديدة.