فلسطين أون لاين

الأشخاص ذوو الإعاقة حقوق متساوية وتسميات إنسانية

مثل الإقرار بأن لجميع أعضاء الأسرة البشرية كرامة أصيلة فيهم، وحقوقًا متساوية غير قابلة للتصرف أساسًا للحرية والعدل والسلام في العالم، بعد تجاهل حقوق الإنسان وازدرائها اللذين أفضيا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني، وكان البشر قد نادوا ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة وبالتحرر من الخوف والفاقة، أسمى ما ترنو إليه نفوسهم، فشعوب الأمم المتحدة قد أعادت في الميثاق تأكيد إيمانها بحقوق الإنسـان الأساسية، وكرامة الإنسان وقدره، وحزمت أمرها على النهوض بالتقدم الاجتماعي وتحسين مستويات الحياة في جو من الحرية، ثم يأتي بعض ليستغرب أنني أستخدم مصطلح "الأشخاص ذوي الإعاقة" كثيرًا في اللقاءات وورش العمل والمقابلات، حتى إنني أقوم بعملية مراجعة فورية لمن ينطق بمصطلحات أخرى غيرها بهدف التعديل المباشر للمصطلح، وترك أثر إيجابي على نفس المستخدم له.

يرى بعض أنها كلمة غريبة عليه، ربما لم يسمع بها من قبل، أو ربما رفض المصطلح ذاتي، وربما لأن المفهوم الدارج داخل المجتمع أن يكون المصطلح الاجتماعي (معوق، معوقون)، أو (ذوو احتياجات خاصة) من بعض المُرادفات والمُصطلحات الشائعة في التعامُل مع الأشخاص ذوي الإعاقة، التي تكون جارِحة لهذه الفئة، مثل: كلمة (مكسح) بدلًا من ذوي إعاقة حركية، و(عرباية) بدلًا من كرسيّ مُتحرّك، وغيرها كثير، ولهذا إنه من الأفضل أن نضمّ صوتنا إلى صوتهم، ولنأخذ بأيديهم لننهض بمجتمعنا ولنصنع معًا مجتمع المساواة ومجتمعًا يقدّم الواجب ويُعطي الحق.

ومن هنا إنني أري في الكلمات السابقة خشونة وقسوة جافة ومفرغة من الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وأنها تتعامل مع جماد لا بشر، وعلى ذلك إن التحدث بها هو أحد أساليب العقاب لهذا الإنسان، ولما كان ذلك يترك جرحًا في داخل الأشخاص ذوي الإعاقة جاءت مدلولات مصطلح "الأشخاص ذوي الإعاقة".

إن الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة التي صدرت في عام 2006 أكدت هذا المصطلح، وصدق عليها أكثر من 150 دولة في العالم؛ من أجل تعزيز المبادئ والقيم الإنسانية التي كفلتها هذه الاتفاقية، وبدأت بحماية الكرامة والمساواة والعدالة والتضامن الاجتماعي والتكافل الاجتماعي للإنسان، بغض النظر عن إعاقته أو عجزه أو الخلل الذي يعيش به، ونظرت إلى الإعاقة على إنها لا تعني العجز ولا تلغي أيضًا الطاقة.

فلدينا ما يزيد على مليار من الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم بحاجة ماسة إلى الخدمات الأساسية والإنسانية، ويجب أن تقدم هذه الخدمات من منظور حقوقي إنساني بحت، بعيدًا عن أي نظرة سلبية، أو إحساس قد ينتهك حقوقهم.

من هنا وبمناسبة شهر رمضان الكريم يجب أن تتمثل فينا القيم الإسلامية التي تحث على عدم السخرية من الآخرين والاستهزاء بهم، والعمل على تمكين هذه الشريحة وأخذ دورها الإيجابي داخل المجتمع، وإفساح المجال لها للمشاركة في الأنشطة المنفذة كافة، وإعطاؤها أولويات السباق في التدخل المجتمعي؛ لأن الأشخاص ذوي الإعاقة مؤهلون بإزالة المعوقات من أمامهم، وإعطائهم فرصة للاستمرار.


مصطفى عابد

مدير برنامج التأهيل المجتمعي في الإغاثة الطبية الفلسطينية