رغم تقدمه في السن، وتمكن أمراض عديدة منه، خرج الحاج عمر البرغوثي، بعد أربعة أشهر أمضاها خلف قضبان سجون الاحتلال، رافعًا رأسه إلى عنان السماء متحديًا سلطات الاحتلال التي تواصل جرائمها بحق أبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام وأفراد عائلته بشكل خاص.
وأفرجت سلطات الاحتلال ظهر الخميس الماضي، عن شيخ الأسرى عمر البرغوثي شقيق عميد الأسرى نائل البرغوثي، من سجن "عوفر" جنوب غرب رام الله بالضفة الغربية المحتلة، بعد قضائه أربعة أشهر إدارية.
ما إن وطأت قدماه خارج أسوار سجن "عوفر"، يدعو البرغوثي (67 عامًا) بالرحمة والمغفرة لنجله الشهيد صالح منفذ عملية إطلاق النار قرب مستوطنة عوفرا في ديسمبر 2018، ولأبنه الأسير عاصم وأبناء بلدته، ويحثهم على الصمود في وجه السجان.
وقال البرغوثي لصحيفة "فلسطين": "بعد أشهر من الظلم، منّ الله عز وجل علي بالفرج وعدت إلى نفس دائرة الصمود والصبر، فلا مجال للألم أو للتراجع، ومستمرون ولن ننكسر أبدًا".
تحقيق قاس
وتعرض البرغوثي، لتحقيق مكثف وقاسٍ في معتقل "المسكوبية" قبل تحويله إلى الاعتقال الإداري، ولاحقاً اعتقلت سلطات الاحتلال نجليه محمد وعاصم، إضافة إلى زوجته سهير البرغوثي، حيث أُفرج عنهم وبقي عاصم قيد الاعتقال.
ويصف الحاج البرغوثي، فترة اعتقاله بالرحلة الصعبة جدًا حيث مارس الاحتلال الضغط النفسي بشتى أشكاله وأساليبه بحقه لاسيما بعد استشهاد نجله "صالح" واعتقال زوجته وأنجاله وعدد من أفراد عائلته وتهديده بهدم منزله وتشريد عائلته.
ويقول: "رغم محاولات الاحتلال شبحي وتعذيبي والنيل من إرادتي طوال فترة التحقيق إلا أنني صمدت فلن أترك نفسي فريسة للاحتلال، ولم أخضع لمحاولاته النيل من عزيمتي طوال فترة التحقيق"، مشيرًا إلى أن الاحتلال يحاول إرسال رسالة من خلالي لأهالي الضفة الغربية بعدم مقاومته.
وفور الإفراج عن المسن البرغوثي، تم نقله بسيارة إسعاف إلى مستشفى رام الله، لعدم قدرته على الحركة سيما وأنه يعاني من أمراض مزمنة كارتفاع الضغط والسكري، وآلام في يديه وقدميه بسبب طول فترة شبحه خلف أسوار السجن.
واعتقل البرغوثي في ظروف صعبة خاصة بعد استشهاد نجله صالح واعتقال زوجته وأبنائه الآخرين وأقاربه والتهديد بهدم منزله.
وبين الفينة والأخرى يحمد البرغوثي، الله عز وجل على ما أصابه وعائلته، قائلًا: "لن نركع لغير الله ولن يرهبنا الاحتلال ولا الاعتقال ولا جرائمه الممارسة بحقنا، فسنواصل المشوار ولن ننكسر".
رحلة علاج
وأمضى البرغوثي داخل السجون أكثر من 26 عامًا متفرقة، ولكنه يؤكد أنه لن يتخلى عن حقوقه في الدفاع عن أرضه وتقديم أغلى ما يملك لأجلها.
وثمن دور أهالي الضفة الغربية الذين أحسنوا استقباله بعد انتهاء مدة محكوميته، قائلًا: "مشاعر شعبنا وأهلنا في الضفة الغربية وحسن الاستقبال يجعلنا نستحمل الصعاب ونضحي بالغالي والرخيص حفاظًا على فلسطين وأهلها".
وعن تهديد الاحتلال هدم منزل الشهيد صالح البرغوثي قال: "هدم منزل الأسير عاصم، والتهديد بهدم منزل الشهيد صالح خلال أيام، لن يزيدنا إلا قوة، ولن يستطيع هدم إرادتنا، فنحن أصحاب حق في هذه الأرض، فالمنزل الذي يهدم يعاد بناؤه".
وفي السياق ذاته، هاتف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" إسماعيل هنية مساء أول من أمس، الأسير المحرر البرغوثي، مهنئًا إياه بمناسبة الإفراج عنه من سجون الاحتلال.
وأشاد هنية بصمود البرغوثي، وبالتضحيات التي قدمتها عائلته بالتصدي لانتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم.
كما هنّأ هنية زوجة الأسير المحرر بهذه المناسبة، مؤكدًا دعمه المستمر لقضية الأسرى حتى تحريرهم من سجون الاحتلال.