فلسطين أون لاين

​مسيرة العودة تدخل عامها الثاني.. نضال شعب في وجه محتلِّه

...
تصوير / رمضان الأغا
غزة/ نبيل سنونو:

ظن دونالد ترامب الرئيس الأمريكي ومعه حكومة الاحتلال أن ما تسمى بـ"صفقة القرن" ستمرّ، لكن مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية انطلقت في 30 مارس/آذار 2018 لتصفع هذه الصفقة، وهي تدخل اليوم عامها الثاني.

من قطاع غزة المحاصَر منذ 13 سنة، انطلقت المسيرة آنذاك تزامنا مع الذكرى الـ42 لأحداث يوم الأرض.

وتطالب المسيرة بتطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948، وأيضًا بفك الحصار المشدد المفروض على القطاع.

وقبيل انطلاقها شرعت الهيئة الوطنية العليا للمسيرة بتجهيز الأماكن المُخصصة لإقامة الخيام تحضيرًا لفعالياتها، وشرعت الجرافات في عملية تسوية لأرض مخيمات العودة في خمس مناطق محاذية للسياج الفاصل شرقي القطاع، وهي: خانيونس/بلدة خزاعة "بوابة النجار"، ورفح/ حي النهضة "بوابة المطبق"، والوسطى/مخيم البريج "بوابة المدرسة"، غزة/حي الزيتون "بوابة ملكة"، والشمال/ "بوابة أبو صفية"، ونقطة 4/4شمالي بيت حانون.

وجاء ذلك بعد اعتراف ترامب بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2017.

واستخدم المحتجون الفلسطينيون الذين خرجوا بعشرات الآلاف، أدوات سلمية في فعاليات المسيرة على مدار العام، كالأطباق الطائرة، والبالونات، ورفع الأعلام الفلسطينية، وإشعال إطارات السيارات "الكاوتشوك"، وما شابه، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي واجهتهم بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.

واستمرت فعاليات المسيرة لاسيما في أيام الجمعة أسبوعيا بمشاركة عشرات الآلاف، فضلا عن المسير البحري، وفعاليات الإرباك الليلي.

وبلغت هذه الفعاليات ذروتها في 14 مايو/آيار بالذكرى الـ70 للنكبة في إطار ما سمي "يوم العبور".

وفي ذلك اليوم، استشهد ما لا يقل عن 60 فلسطينيا -بينهم ثمانية أطفال- بالرصاص الحي، وهو أكبر عدد من الشهداء في يوم واحد منذ انطلاق المسيرة.

وكان من بين شهداء مليونية العودة آنذاك مسعف ورجل مقعد، وأصيب أكثر من 2700 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، بينهم 13 صحفيا.

ويعد المسعف موسى أبو حسنين أيضا أحد أيقونات المسيرة، وقد استشهد برصاص الاحتلال شرق مدينة غزة في 14 مايو/آيار 2018.

وتحول الصحفي ياسر مرتجى الذي استشهد في السابع من أبريل/نيسان العام الماضي، متأثرا بجراح أصيب بها بعد أن قنصه جيش الاحتلال الإسرائيلي شرقي القطاع المحاصر، إلى أحد أيقونات مسيرة العودة، إلى جانب الصحفي الشهيد أحمد أبو حسين.

ومن أبرز شهداء المسيرة، المسعفة الميدانية المتطوعة رزان النجار التي استشهدت في الأول من يونيو/حزيران الذي وافق 16 رمضان، بعد إصابتها برصاصة متفجرة أطلقها قناص إسرائيلي اخترقت صدرها وخرجت من ظهرها.

وبحسب وزارة الصحة بغزة، استشهد منذ انطلاق المسيرة وحتى صباح أمس 266 فلسطينيا وأصيب 30398.

أنظار العالم

ولفتت مسيرة العودة أنظار العالم إلى حق العودة، ومعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة الذي تزوره وفود دولية وإقليمية عدة منذ انطلاق المسيرة.

وأسفر الحصار المفروض على القطاع عن ارتفاع نسبة البطالة والفقر، إلى جانب اشتداد أزمة الكهرباء والقيود المفروضة على حركة التنقل والسفر، وعلى الصيادين في ساحل قطاع غزة، عدا إعادة عن إعاقة الاحتلال مشاريع إعمار ما دمره في حروبه العدوانية التي شنها بين 2008 و2014.

ويصمم الفلسطينيون على الاستمرار في مسيرة العودة حتى تحقيق أهدافها كاملة، ويستعدون للخروج اليوم في مليونية العودة وكسر الحصار شرق القطاع تزامنا مع الذكرى الـ43 ليوم الأرض.

ويقول مراقبون: إن مسيرة العودة جمعت كافة الأطر الفلسطينية والفصائل والفعاليات والفئات، ورسخت الوحدة الوطنية ميدانيا.

من جهته يقول المحلل السياسي مصطفى الصواف: إن إنجازات مسيرة العودة كانت واضحة وأولها صعود القضية الفلسطينية من قاع الاهتمام إلى سلمه، وإعطاء أنموذج لوحدة القوى والفصائل في المسيرة التي تحمل مجموعة من الأهداف.

ويضيف الصواف لصحيفة "فلسطين" أن من الإنجازات غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة.

ويلفت إلى تفاهمات تثبيت وقف إطلاق النار، مبينا أن الاحتلال أخل بما تم التوافق عليه.

ويشير الصواف إلى إصرار لدى الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة على ضرورة التزام الاحتلال بالتفاهمات.

وينبه إلى القلق والإرباك الذي سببته مسيرة العودة للاحتلال، ورحيل بعض المستوطنين من مستوطناتهم المحاذية للقطاع، وهو ما يدل على أنه ليس من الصعب هزيمة هذا الاحتلال، كما أن المسيرة ضربة لترامب ولصفقته.

ويقول الصواف: إنه يمكن هزيمة الاحتلال بتسجيل الضربات، وليس بضربة واحدة.

ويؤكد أن استعداد الفلسطينيين لمليونية العودة اليوم رغم استخدام الاحتلال العنف، دليل واضح على إصرار الشعب الفلسطيني ووقوفه خلف حق العودة وفك الحصار.

ويبين المحلل السياسي أن الاحتلال الذي يستخدم العنف بحق المحتجين السلميين هو إرهابي، لافتا إلى أن إدانة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي، استخدام (إسرائيل) المتعمد "للقوة المميتة" غير المشروعة، هو نقطة تسجل لمصلحة الفلسطينيين.

ويتوقع الصواف أنه في حال عدم التزام الاحتلال بتفاهمات رفع الحصار "فإننا مقبلون على مرحلة أخطر بكثير مما نحن عليه الآن".