فلسطين أون لاين

تقرير قطاع العمل عن بُعد في غزة على المحك.. دعوات عاجلة لدعم الكفاءات

...
حرب الإبادة تسببت في دمار شبه كامل للبنية التحتية للكهرباء والإنترنت
غزة/ رامي رمانة:

شهد قطاع العمل عن بُعد في قطاع غزة انتعاشًا نسبيًا خلال سنوات الحصار الماضية، حيث تمكّن آلاف الشباب من توفير دخل ثابت عبر العمل مع شركات وأفراد خارج القطاع في مجالات البرمجة، والتصميم، والترجمة، والتسويق الرقمي.

إلا أن الحرب الحالية تسببت في دمار شبه كامل للبنية التحتية للكهرباء والإنترنت، إلى جانب تدمير أماكن العمل وفرض قيود مشددة على الحركة والتجارة، ما أدى إلى فقدان عدد كبير من الشباب لمصادر دخلهم وأحلامهم المهنية.

وأكد خبراء اقتصاد ومديرون تنفيذيون أن إعادة إحياء هذا القطاع الحيوي تتطلب دعمًا بنيويًا واستثمارات مستمرة، إضافة إلى توفير بيئة مستقرة للشركات، بما يضمن استدامة الاقتصاد الرقمي واستمرار فرص العمل للشباب الغزي.

خسائر واسعة

وقال المدير العام لشركة الطارق للنظم والمشاريع، المهندس طارق سليم، لصحيفة "فلسطين"، إن فئة الشباب العاملين في الشركات بمختلف أحجامها، والذين يعتمدون على تصدير الخدمات عن بُعد، كانوا من أكثر الفئات تضررًا منذ بداية الحرب، نتيجة الاستشهاد أو الإصابة أو فقدان القدرة على العمل، فضلًا عن الانقطاع المتكرر للكهرباء والإنترنت وتدمير أماكن العمل.

وأضاف أن الشركات المحلية، واتحادات التكنولوجيا، وحاضنات الأعمال، حاولت إيجاد حلول مؤقتة للحفاظ على استمرارية العمل، إلا أن الزبائن الخارجيين لم يتمكنوا من الانتظار أكثر من ثلاثة أشهر، ما أدى إلى خسارة العديد من العقود وفرص العمل.

وأشار إلى أن توفير مساحات عمل بديلة مزودة بالإنترنت والطاقة الشمسية ساعد بعض الشباب على الاستمرار، إلا أن القدرة الاستيعابية لهذه المبادرات بقيت محدودة ولا تلبي حجم الحاجة الفعلية.

وأكد سليم أن المرحلة الحالية تتطلب توفير مقرات مستقرة للشركات مزودة بإنترنت موثوق وطاقة شمسية مستدامة، رغم ارتفاع تكلفتها، مشددًا على أن فقدان الكفاءات الوطنية وتعطيل قطاع العمل الرقمي سيكون أكثر كلفة من الاستثمار في البنية التحتية.

أرقام مقلقة

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر أن الانهيار البنيوي في قطاعي الكهرباء والإنترنت أدى إلى خروج نحو 25 ألف شاب وشابة من دائرة الإنتاج بشكل مفاجئ، ما ساهم في رفع معدلات البطالة إلى أكثر من 80%، بعدما كانت تقارب 45% قبل الحرب

وأشار أبو قمر، لـ"فلسطين"، إلى أن العمل عن بُعد كان من القطاعات القليلة التي أثبتت جدارتها خلال سنوات الحصار، حيث تمكن الشباب الغزي من اختراق سوق العمل الرقمي العالمي، وتحقيق دخل تجاوز متوسط الرواتب المحلية بأربعة أضعاف، وبلغ متوسط أرباحهم نحو 1100 دولار شهريًا.

وأكد أن إعادة إحياء هذا القطاع تتطلب مزيجًا من الدعم البنيوي والاستثمار الدولي، سواء عبر تطوير البنية التحتية للكهرباء والإنترنت، أو من خلال توفير حوافز تشجع الشركات على التعاقد مجددًا مع الكفاءات الغزية.

ضرورة التدخل

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي محمد يزيد الناظر أن العمل عن بُعد أصبح وسيلة رئيسية للشباب في غزة للتغلب على البطالة المرتفعة، خاصة في مجالات البرمجة، والتصميم الجرافيكي، والترجمة، والتدقيق اللغوي، والتسويق الرقمي.

وأضاف، لصحيفة "فلسطين"، أن هذه الفئة اعتمدت على التعاون مع شركات وأفراد خارج القطاع لتأمين دخل ثابت في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

وأوضح الناظر أن الحرب الحالية أعاقت هذا النمط من العمل بشكل كبير، نتيجة انقطاع الكهرباء والإنترنت، وصعوبة التحويلات المالية، واستمرار الحصار المفروض على غزة، ما أدى إلى فقدان عدد كبير من الشباب لمصادر دخلهم وآمالهم المهنية.

وأشار إلى أن غالبية العاملين عن بُعد تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عامًا، مؤكدًا أن دعم هذه الفئة بات ضرورة ملحّة للحفاظ على استمرارية الاقتصاد الرقمي في القطاع.

واختتم الناظر بالقول إن أزمة البطالة في غزة معقّدة ومتجذّرة بفعل الحروب المتتالية، إلا أن الحرب الحالية دمّرت جميع القطاعات الإنتاجية، بما في ذلك الصناعة والزراعة والإنشاءات وريادة الأعمال، وأدت إلى إغلاق المنشآت والمشاريع، وتدمير البنية التحتية، وتراجع الاستثمارات، وفرض قيود إضافية على الحركة والتجارة.

وأكد أن الأزمة الراهنة تطال جميع فئات المجتمع في غزة، داعيًا إلى تدخل عاجل لإعادة ترتيب الواقع الاقتصادي، ودعم الشباب العاملين عن بُعد، وحماية القوى العاملة في القطاع.

المصدر / فلسطين أون لاين