فلسطين أون لاين

في المنزل الآيل للسقوط.. الروح رخيصة ولا قيمة للحياة

...
رفح - ربيع أبو نقيرة

بينما هم يلعبون بمأمن داخل بيتهم، تساقطت أجزاء من سقفه المتهالك على رؤوسهم، ليصاب اثنان من الأطفال بجراح طفيفة، وليكون التساقط دليلا على زيادة خطورة وضع المنزل الآيل للسقوط وفق تقرير فني صادر عن نقابة المهندسين.

المنزل الذي يعود بناؤه إلى الستينيات من القرن الماضي، لا يزال قائمًا في مخيم الشابورة للاجئين بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة؛ لكنه بات يشكل خطرا على أسرة "أشرف الخواجا" القاطنة فيه، والمكونة من عشرة أفراد، نصفهم أطفال.

وتعود بداية الحكاية إلى عام 2000، أي قبل 17 عاما، عندما أُغلقت جميع الطرق أمام الخواجا (45عاما) في البحث عن عمل مناسب، بعد منعه من العمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948 كآلاف العمال الذين واجهوا نفس المصير.

مَثلُه كمثل أناس تحسبهم أغنياء من التعفف، فظاهر الأمر من بعيد يحسبه الناظر ذا سعة؛ لكنه غير ذلك عند الاطلاع عن قرب على أوضاعه ورؤية منزله المتهالك من الداخل.

ولا يقتصر الأمر على الجدران المتهالكة التي تستر عائلة الخواجا، بل يصل إلى الظروف المادية الصعبة، والافتقار إلى الحاجات الأساسية في المنزل الذي تبلغ مساحته قرابة 90 مترًا، ويتكون من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام.

رب العائلة أوضح في حديثه لـ"فلسطين" أن الأوضاع الصعبة سببت له ضغوطات نفسية، وولدت لديه عدّة أمراض، كالضغط والسكري والأزمة الصدرية، مشيرا إلى أنه يسعى جاهدا لتوفير لقمة العيش لأسرته، لكن الحصار المفروض على قطاع غزة يمنعه من ذلك.

وبين الخواجا أنه ينفق على أسرته من مساعدة مالية تصرفها له وزارة الشئون الاجتماعية تقدر بنحو 600 شيكل شهريا، مؤكدا أنها لا تكفي لتوفير الحد الأدنى من احتياجات العائلة مكونة من عشرة أفراد.

وقال: "نصيب كل فرد قرابة شيكلين في اليوم وهذا المبلغ لا يكفي للاعتناء بقطة"، مضيفا: "خلال الحروب، تعرض البيت لتصدعات خطيرة جدا، خاصة أنه قديم المنشأ، واعتمد في بنائه على الحزامات الساقطة بدون أعمدة وأساسات، والسقف مكون من الزلف وليس الحصمة، وقد سقط جزء من أحد أحزمة السقف على إثر قصف قريب من المنزل خلال حرب عام 2014".

تخوف شديد

وأعرب الخواجا عن تخوفه الشديد من انهيار المنزل في أي لحظة، الأمر الذي يشكل خطرا على عائلته، خاصة أن لجنة فنية من نقابة المهندسين اطّلعت على المنزل وأوصت بإخلائه من السكان حفاظا على حياة ساكنيه، نظرا للحالة الإنشائية المتهالكة وصعوبة القيام بأعمال ترميم.

ووفق تقرير اللجنة الفنية فقد تبين وجود صدأ كبير في حديد السقف و"الكمرات
والأعمدة، نتيجة لاستخدام الزلف ورمل البحر (المحتوي على كمية كبيرة من الكلور) في الخرسانة، الأمر الذي أحدث تشققات منتشرة وغائرة في جميع العناصر الإنشائية.

وبين الخواجا: "نعيش حالة حذر وترقب، ونشعر أن حياتنا ليست لها قيمة، وأرواحنا رخيصة، وقد توجهت إلى الجهات المختصة، ومنها وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، ولكن لا حياة لمن تنادي".

وأوضح أنه لا يستطيع مغادرة المنزل واستئجار آخر، نظرا لصعوبة وضعه المادي، وعدم قدرته على دفع تكلفة الإيجار.

وناشد الخواجا الرئيس محمود عباس، ورئيس وزراء حكومة الوفاق رامي الحمد الله، لضرورة الوقوف عند مسئولياتهم تجاهه وانتشاله من الأوضاع الصعبة التي يعيشها.