تتلمس الستينية "مريم أبو موسى" الطريق لعلها تجد ثغرة تستطيع من خلالها اجتياز السلك الفاصل بين غزة وأراضي الـ48 للذهاب نحو مدينتها الأصلية بئر السبع، بعد أن قطعت مسافة كبيرة من مخيم "بلوك G" للاجئين بمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، إلى مخيم ملكة أحد مخيمات مسيرات العودة على حدود شرق مدينة غزة، غير آبه بما تحمله نواياها من مخاطر.
تحمل "أبو موسى" علم فلسطين وتتوشح بالكوفية، ترتدي الزي التراثي الفلسطيني، تحمل فوق رأسها صرّة تحتوي على الزاد والكفن والملابس الشخصية وحاجاتها الضرورية التي ستعود بها إلى بلدتها الأصلية.
مشاركة مستمرة
تقول أبو موسى لصحيفة "فلسطين" إنها تشارك كل جمعة في مسيرات العودة وهي تتحسس الطريق من رفح حتى بيت حانون، لعلها تجد ثغرة توصلها إلى بلدتها الأصلية.
وأضافت: "لا أعرف المستحيل ولكني سأصل في النهاية إلى تحقيق حلمي، فلديّ عزيمة كبيرة أستمدها من عزيمة وإرادة شباب غزة الثائر على طول الحدود".
اندفعت أبو موسى مع جموع المشاركين التي كانت كأمواج البحر وهي تحلم بالعودة إلى ديارها، ورغم تعرضها لإصابة سابقة بشظية رصاصة إسرائيلية بيدها، إلا أنها تتقدم صفوف المتظاهرين الأولى.
تقدمت أبو موسى في الجمعة الأخيرة نحو الصفوف الأمامية ورأت كما كانت تشاهد في الجمع السابقة، الإصابات المختلفة في البطن والصدر والرأس، أمام عينيها.
تشير إلى ثكنات جنود الاحتلال وتقول: "هؤلاء يتحصنون داخل التلال الترابية ويزرعون الموت ويقتلوننا، لكننا نزرع الحب والحياة لنعود إلى أرضنا (..) كنا نزرع القمح والشعير والتين والزيتون في بئر السبع، لكن الاحتلال زرع مفاعلات ديمونا ويصنعون القنابل التي يقتلون بها الشعب الفلسطيني".
تندهش اللاجئة الفلسطينية من جرأة وصمود وشجاعة الشباب الفلسطيني في تحدي جنود الاحتلال، قائلة: "هذا المحتل المتغطرس المتجبر لن يكسر أهل غزة وشبابها، وسيعودون إلى ديارهم".
ووجهت المسنة أبو موسى رسالة للأمم المتحدة تطالبها بإعادة حساباتها على ما تعهدت به للشعب الفلسطيني بحياة كريمة، فيما يستمر الحصار الإسرائيلي دون إذعان لكافة دعوات الأمم المتحدة بإنهائه.
وبسبب السرعة والعجلة وخوفا من أن تفوتها المشاركة في مسيرة العودة، توشحت أبو موسى بالكوفية الفلسطينية بدلا من البرقع الذي تحافظ على ارتدائه، لتعبر عن فخرها بالكوفية "هذه لا تقل عن البرقع بالنسبة لي فهي الوشاح الفلسطيني الذي نعتمده".
مع عودة أبو موسى إلى منزلها في خان يونس بعد يوم شاق في مواجهة الاحتلال على حدود غزة، تقول إنها لا تزال متمسكة بتحقيق حلمها بالعودة إلى بئر السبع فوق الأرض أو تحتها، وقالت: "سأتبع كل الطرق من أجل العودة إلى بلدتي الأصلية".

