فلسطين أون لاين

​الإعلان عن تأجيلها يتناقض مع سياسات الأمر الواقع

محلّلون: "صفقة القرن" تُنفَّذ فعليًّا وسط غياب سياسيّ للسلطة

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

تتناقل وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة أحاديث حول تأجيل الولايات المتحدة الأمريكية الإعلان النهائي عن بدء تنفيذ خطة ما تُسمى "صفقة القرن" إلى أجل غير مسمى، لأسباب تتعلق بالطاقم الذي يسوقها، وأخرى متعلقة بالاحتلال الإسرائيلي.

صحيفة "معاريف" العبرية، أفادت مؤخراً بأن من بين الأسباب "تدخل عناصر خارجية ورفض قادة وزعماء ورؤساء دول عربية للصفقة وهو ما حال دون تمريرها".

لكن ما يجري على أرض الواقع يختلف تماماً عما يدور عبر وسائل الإعلام، حيث دأبت الإدارة الأمريكية على إجراءات فعلية، منها الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل سفارتها للمدينة، وتقليص دعمها للأونروا، عدا عن إجراءات الاحتلال المستمرة في الأراضي الفلسطينية.

ويعتقد مراقبون ومحللون أن "الصفقة"، تُنفذ فعلياً بعدة أشكال، أهمها ممارسات سلطات الاحتلال في مدن الضفة المحتلة، وتكثيف الاستيطان ومحاولات فصل الضفة عن غزة، في ظل دور "باهت" للسلطة في مواجهتها.

الصفقة تُنفَّذ

الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، رأى أنه ليست هناك رؤية واضحة ومحددة للصفقة، كي يتم تأجيلها، عاداً ملفي القدس واللاجئين أبرز معالمها.

وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": "تم التعامل مع الصفقة خطوة بخطوة بدءاً من إعلان ترامب القدس عاصمة للكيان وتقليص دعم وكالة غوث اللاجئين"، مشيراً إلى أن هذين الملفين الأساسيين جرى اتخاذهما في إطار الفهم العام لما تسمى "صفقة القرن".

وبحسب قوله، فإن الصفقة تجري على قدم وساق، مستغلةً الوضع الفلسطيني المفكك والوضع العربي المُنهار والعالم المنُشغل بقضايا أكثر أهمية، خاصة في ظل الانحياز الكامل من الإدارة الأمريكية لـ(إسرائيل).

ويتفق مع ذلك، المحلل السياسي من الضفة سعادة ارشيد، إذ عّد ما يجري عملياً "تنفيذ الصفقة ومن ثم الإعلان عنها لاحقاً"، وفق تقديره.

ويرى ارشيد في حديثه لـ"فلسطين"، أن الإدارة الأمريكية اتخذت قراراتها المنضوية في إطار الصفقة، ومنها الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وتقليص دعم الوكالة، وإعطاء الضوء الأخضر للاحتلال بتكثيف الاستيطان بالضفة، منتقدًا الصمت العربي والدولي والاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة دون خطوات سياسية حقيقية.

السلطة ضعيفة

وحول السؤال عن الدور الذي تؤديه السلطة الفلسطينية لمواجهة صفقة القرن؟ يتفق المحللان في أن أداء السلطة "باهت، كونها تعاني نزاعات داخلية تجعلها غير قادرة على المناورة والمواجهة سياسيًا".

وعزا ارشيد هذا الضعف إلى الخلافات الداخلية بين قيادة السلطة وسعيهم لتحصيل صفة الوريث السياسي للرئيس محمود عباس، إضافة إلى استمرار الانقسام السياسي، ما يجعل هذا الدور منعدمًا من الناحية الموضوعية والسياسية "فلا جدية لديها بإنهاء الانقسام ورفع الحصار أو حتى النضال من أجل غزة الأمر الذي يجعلها ضعيفة في مواجهة أي فعل يستهدف القضية الفلسطينية".

ويعبر عن ذات الموقف المحلل السياسي حبيب، بالقول: "العبرة ليست بالموقف الإعلامي الرافض للصفقة، وإنما في ترجمة ذلك لفعل سياسي".

وأضاف: "يجب على السلطة مواجهة استحقاقات الصفقة بالقبول بالمصالحة، واتخاذ القرارات الفلسطينية الأساسية بتوافق وطني شامل دون أن تحدده أطراف فئوية".

وأوضح حبيب أن استمرار الانقسام الراهن، يُسهّل للأطراف العاملة على الصفقة، خصوصاً التحالف الأمريكي الإسرائيلي فرض شروطها على الطرف الفلسطيني "لذلك يجب درء هذه الاحتمالات عبر بوابة المصالحة الفلسطينية".

شكل جديد

المختص في الشأن الإسرائيلي في الداخل المحتل نظير مجلي، ذكر أن صفقة القرن تُعبر عن خطة اليمين الإسرائيلي المُتطرف، وفق ما جرى الإعلان عنه قبل إدارة ترامب.

ويرى مجلي في حديث لـ"فلسطين"، أن إدارة ترامب تُكمل اليوم ما بدأه الاحتلال في تهويد الأرض الفلسطينية خاصة في الضفة والقدس المحتلتين، مشيراً إلى أن العملية تجري باستمرار وبأشكال عدة.

وأوضح أن الجديد في الأمر، هو تنفيذ الاحتلال لخطوات لم يكن يجرؤ عليها في الماضي، مثل سن قوانين الاستيطان ويهودية الدولة والقومية وغيرها.

وبيّن أن مسلسل القوانين العنصرية الإسرائيلية يصب في اتجاه تنفيذ الصفقة، منبّهاً إلى أن الإدارة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر للاحتلال بتنفيذ إجراءاته العنصرية وتكثيف الاستيطان في مختلف مدن الضفة الغربية.

وقال مجلي: "الولايات المتحدة بدلاً من أن تكون وسيطاً صادقاً ونزيهاً بين الطرفين تتبنى الخطط البشعة للاحتلال ضد شعبنا وتساعده في تنفيذها".

ونبه إلى أن صفقة القرن لم تُعرف بنودها بشكل دقيق حتى اللحظة، "لكن ما يجري على الأرض يبدو جزءاً منها، وهو ما تعبر عنه السياسة الإسرائيلية".

تجدر الإشارة إلى أن مصر تواصل جهودها في تحقيق المصالحة الفلسطينية المتعثرة منذ عدة سنوات، عبر عقد لقاءات مع قيادات حركتي حماس وفتح في القاهرة، دون التوصل لاتفاق حتى اللحظة.

ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي خانق طال قطاعات الحياة كافة، منذ أكثر من 12 عاماً، لكن الأزمة تعمقت عقب فرض رئيس السلطة محمود عباس إجراءات عقابية جديدة في أبريل العام الماضي.