بعد أن أسدل الستار على نتائج الثانوية العامة، وكل التوفيق والتقدير للناجحين، يطفو على السطح سؤال يحير الجميع آباء وطلابا ومختصين.. ماذا ندرس؟ وأي تخصص أفضل؟ وماهي التخصصات صاحبة الفرصة الأفضل والمستقبل الأضمن؟ وماهي التخصصات التي سوق العمل بحاجة لها أشد في السنوات القادمة؟
وللإجابة عن تلك التساؤلات هناك مجموعة من الضوابط والمعايير التي تضبط عملية الاختيار، والتي يجب أن تخضع للتفكير العميق والنقاش المستنير والاستعانة بأصحاب الخبرة والمعرفة والتجربة العميقة في المجال.
بدايةً كلنا يتفق أن المعدل العام في الثانوية العامة هو المحدد الأكبر والمقيد لتحديد التخصص الجامعي وفق مفاتيح الجامعات والتعليم العالي، لكن حقيقة رسالتنا لما بعد ذلك ولمن يسمح لهم المعدل باختيار العديد من التخصصات في جامعات مختلفة، ليبقى السؤال الأهم ماذا أدرس تحديداً وما الضوابط والمعايير المحددة للاختيار.
أولاً: القدرة: حيث أن قدرة الطالب وتميزه في جانب من جوانب المعرفة كتميزه باللغة الإنجليزية أو الرياضيات أو اللغة العربية، ومن جانب آخر التعرف على القدرات والمهارات الحياتية المميزة التي يمتلكها وتحليلها جيداً، والتعرف على التخصصات الملائمة والتي يمكنها أن تتعاطى أو تتطور تلك القدرات بشرط توفر الاستعداد الذاتي لاكتساب تلك المهارات ان كانت محدودة أو ضعيفة لدى الدارس.
وما لا يجب تجاوزه أو أن نغفله القدرات الخارجية والمظهر العام، لأن هناك تخصصات بحاجة إلى حضور ومظهر لائق وجميل يساعد بشكل كبير في التفوق والتميز في بعض الدراسات مثل: التقديم التلفزيوني والعلاقات العامة والعلاقات الدولية ومندوب المبيعات والتسويق.
ثانياً: الرغبة: على الطالب أن يدرس ما يريد وما يتمنى أن يكون وأن يحاول أن يتخيل ذاته ونفسه بعد خمس سنوات، أي بعد تخرجه والبدء بممارسة المهنة على أرض الواقع، ومدى قدرتها على إشباع ذاته ويستطيع أن يطور نفسه ويقوم بالمطلوب منه وفق متطلبات تلك المهنة أو الوظيفة.
ثالثاً: الفرصة: رغم صعوبة الحال وغموض المستقبل إلا أننا بحاجة إلى التفكير بطريقة مختلفة ومواكبة للعصر والزمان، فالتفكير في الفرص يأتي في سياق ثلاث اتجاهات، فالأول مرتبط بمدى توفر عمل حكومي وظيفي دائم للتخصص، والثاني مدى توفر فرصة العمل في القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية حيث يعطي ذلك فرصة إضافية لاختيار التخصص، أما الثالث فهو فرصة الحصول على عمل حر أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات العمل الالكترونية، فكلما توفرت الخيارات السابقة في تخصص دراسي زادت الفرصة لاختياره ومنحه أولوية أعلى بالإضافة إلى المعيارين السابقين الرغبة والقدرة.
وأخيراً لابد من استشارة الأهل والمختصين، وقديماً قالوا: لا خاب من استشار وقد أصاب من استخار..
صديقي الطالب تشاور مع والديك واستنير بآرائهم وأفكارهم ووجهة نظرهم، واسأل أهل الخبرة والتجربة ثم ضع كل الخيارات المتاحة والتخصصات الممكنة وفاضل بينهم، واستعين بالله وتوكل عليه، واختار ما تحقق من خلاله ذاتك وتشبع رغباتك وتنمي قدراتك وينفع دينك ووطنك.