فلسطين أون لاين

​تم إطلاقه في مخيمات العودة

الفلسطيني و"الزاجل".. العودة إلى الوطن قاسمٌ مشترك

...
غزة - مريم الشوبكي

من بين سحاب قنابل الغاز طار الحمام الزاجل الذي أطلقه الثائرون حاملًا أغصان الزيتون، في مشهد يلخص ما يعيشه الفلسطيني منذ 70 عامًا، ويعبر عن إصراره بأنه مهما شُتت في البلدان يصمم على العودة إلى موطنه، فالحمام يصول ويجول، وفي النهاية يعود إلى مكانه الأصلي.

أبدع الثائرون على الحدود الفاصلة بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948في أيام الجمع الست الماضية، في ابتكار الوسائل السلمية، فكانت فكرة سباق الحمام الزاجل التي شارك فيها عشرات من هواة تربيته، ليوصلوا للعالم رسالة بأن الفلسطيني طالِبُ حياة وليس موت.

الزاجل والفلسطيني

خليل المجايدة، من خانيونس، يهوى تربية الحمام الزاجل، والاشتراك بمسابقات خاصة به، منذ عام ونصف ركّز كل اهتمامه على تدريب ما يربيه من الزاجل من أجل عقد سباق على مستوى قطاع غزة يشارك فيه جميع مربو هذا النوع من الحمام.

وعن فكرة إطلاق الحمام الزاجل على الحدود الشرقية لقطاع غزة، ضمن فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، يقول المجايدة لـ"فلسطين": "في الجمعة الخامسة والسادسة نفذنا فكرة إطلاق الحمام الزاجل على الحدود، وبدأناها من الحدود الشرقية لمدينة غزة، وفي المرة الثانية أطلقناه من شرقي خزاعة".

ويضيف: "في الجمعة الأولى لمسيرة العودة، أطلقنا الحمام الزاجل من المنطقة الحدودية في بيت حانون، وعاد إلى البيت حيث أربيه في خانيونس قاطعا المسافة في 20 دقيقة، والتي أقطعها في السيارة في ساعة تقريبا".

وعن الرسالة التي يريد القائمون على فعاليات إطلاق الحمام الزاجل إيصالها، يبين المجايدة أن الحمام الزاجل يختلف عن الحمام العادي، فمن صفاته أنه يعود إلى الموطن الأصلي الذي ولد فيه، وهذا بالضبط ما يطالب الفلسطينيون به، وهو حقهم في العودة إلى بلداتهم وقراهم الأصلية موطن أجدادهم وآبائهم.

ويوضح أن من صفات الزاجل من ميزاته أيضا أنه يعود إلى موطنه الأصلي الذي تربى فيه مهما واجه من صعوبات مناخية كالعواصف والرياح الشديدة، ويواصل طريقه دون توقف.

وعن الحمام الزاجل والصفات المشتركة مع الفلسطيني، يقول المجايدة: "لو قطع الزاجل آلاف الأميال، ووصل إلى بلدان بعيدة، فإنه يعود إلى موطنه الأصلي، وكذلك الفلسطيني يناضل منذ 70 عاملا وهو مشتت ومهجر في داخل وطنه وخارجه، لكنه لم ينسَ حقه في العودة إلى فلسطين المحتلة".

مميزات الزاجل

شارك المجايدة في سباق رمزي نُظّم على الحدود الشرقية لخانيونس، مع 30 مربي للزاجل من جميع محافظات القطاع، وحصد المركز الأول في هذا السباق.

ويشير المجايدة إلى أن فعاليات إطلاق الحمام الزاجل لا تقتصر على يوم الجمعة فقط، بل تنفذ في سائر أيام الأسبوع كنوع من تحدي الاحتلال، وفي نفس الوقت ممارسة لهواية محببة لمربيه.

وفي فلسطين، مجموعة تطلق على نفسها "محترفي فلسطين- الحمام الزاجل"، حيث تجمع تحت مظلتها هواة تربية هذا النوع من الحمام.

ويقول إن "الزاجل النقي" يتم استيراده من الخارج منذ سنة ونصف تقريبا، وقبلها لم يكن معروفا لدى كثير من الناس هنا، إذ كان الموجود في غزة نوع آخر من الزاجل، وهو ليس صالحا للسباقات لأنه لا يقطع مسافات كبيرة.

ويضيف المجايدة الذي يهوى تربية الحمام الزاجل منذ 13 عاما: "الحمام الذي نستورده لا نستخدمه في السباقات، لأنه سيعود حتما إلى البلد الذي أتى منها، إنما نقوم بتدريب صغاره للسباق، وذلك حينما يبلغون عمر ثلاثة شهور، وبشكل تدريجي، نبدأ بمسافات قريبة وصولا إلى البعيدة".

ويردف: "يستطيع الزاجل أن يتحدى الرياح، ويطير عكس اتجاها من مسافة 50 إلى 60 كيلو في الساعة"، لافتا إلى أن أسعاره تتفاوت حسب درجة النقاوة والمسافات التي يقطعها، حيث يتعدى ثمنه ألف دولار في بعض الأحيان.

وانعكست مشاركة المجايدة في مسيرة العودة إيجابًا على انتشار فكرة تربية الحمام الزاجل في قطاع غزة، إذ يوضح: "تفاعل الجمهور مع إطلاق الحمام الزاجل في مخيمات العودة كان كبيرا، حيث وصل الأمر إلى طلب بعضهم شراء الزاجل مني، رغم أن أسعاره ليست رخيصة، فقط لأنه أعجب بالفكرة".

ولم تكن مشاركة المجايدة وزملائه من "محترفي الحمام الزاجل" في فعاليات مسيرة العودة، الأولى بل يبادرون إطلاق الزاجل في أي حدث وطني، كما حدث عند عقد اتفاق المصالحة الفلسطينية عام 2017 بين حركتي فتح وحماس، حيث أطلقوا الزاجل من ميناء مدينة غزة، في مشهد يعبر عن فرحة الشعب الفلسطيني بهذا الاتفاق.