فلسطين أون لاين

عبر تخلي الخارجية عن صفة "الأراضي المحتلة"

الإدارة الأمريكية تحاول إسقاط الاعتراف باحتلال (إسرائيل) لفلسطين

...
دونالد ترامب (أف ب)
غزة / رام الله - نور الدين صالح

لم تدخر الإدارة الأمريكية جهداً في مساعيها الرامية لإسقاط القضية الفلسطينية، منذ تولي الرئيس دونالد ترامب سدة الحكم، ضمن دعمها الواضح للاحتلال الإسرائيلي على حساب الشعب الفلسطيني.

كانت آخر تلك المساعي تنازل واشنطن عن مصطلح "الأراضي المحتلة" الذي كان يُطلق على الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان، بعنوان جديد في تقرير للخارجية الأمريكية يعنى بحقوق الإنسان.

وكان سفير الولايات المتحدة الأمريكية في (تل أبيب) فريدمان، طالب وزارة خارجية بلاده منذ مطلع العام الجاري، بالعدول عن استخدام مصطلح الأراضي المحتلة في تقاريرها السنوية.

وترى الكاتبة والمحللة السياسية برام الله نور عودة، أن الخارجية الأمريكية تبنت الرواية الصهيونية اليمينية المتطرفة، باعتبار فلسطين أراضي وعدم التعامل معها باعتبارها وحدة سياسية واحدة.

وتقول عودة لصحيفة "فلسطين"، إن هذا الإجراء هو بمثابة إسقاط الاعتراف بالحقيقة بأن الأرض الفلسطينية واقعة تحت الاحتلال، الذي هو التزام دولي على الولايات المتحدة كونها عضوا في مجلس الأمن وملزمة بقراراته.

وتضيف "أن إزالة هذا التعريف هو توضيح إضافي لطبيعة الإدارة الأمريكية، والطابع الايديولوجي المتطرف لسياساتها"، منوهةً إلى أنه إنكار وجود احتلال للأرض الفلسطينية وتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

وبحسب عودة، فإن خطورة ذلك تكمن في اتخاذ دولة بحجم الولايات المتحدة مواقف معادية لحقيقة الشعب الفلسطيني وكينونته وحقه في تقرير مصيره.

وأوضحت أن الولايات المتحدة باتت على تناقض مع المنظومة الدولية في القانون الدولي، لافتةً إلى أن مواقفها تشكل خطورة على المنظومة الدولية وليس فقط على الشعب الفلسطيني المشروعة.

ورأت أن هذا الأمر يعزز الموقف الفلسطيني الذي رصد تفرد الولايات المتحدة، واعتبرها جزءاً من الصراع بدلاً من سعيها لإيجاد حل عادل.

ورغم خطورة هذه الخطوة، والكلام لعودة، إلا أنها تزيد من عزلة الإدارة الامريكية في المنظومة الدولية، وتؤكد صوابية الموقف الفلسطيني، بعدم الرضوخ للابتزاز السياسي والمالي للولايات المتحدة.

إنهاء الملف

من جانبه، رأى أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسية في جامعة النجاح د. رائد بدوية، أن تغيير المصطلح يدلل على محاولات الإدارة الأمريكية إنهاء الملف الفلسطيني وفق رؤيتها الخارجية في الشرق الأوسط في الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني.

وأوضح بدوية لصحيفة "فلسطين"، أن الولايات المتحدة تعد الضفة الغربية جزءاً من (إسرائيل)، وهو ما شجّع الأخيرة على تصفية موضوع الضفة بشكل نهائي.

وبيّن أن (إسرائيل) استغلت الغطاء الامريكي لها، في محاولاتها المحمومة لضم الضفة الغربية لها، وتطبيق بعض القوانين الاسرائيلية عليها مثل الداخل المحتل.

وأكد أن إدارة الاحتلال تحاول فرض حقائق على أرض الواقع، بعد إعطاء الضوء الأخضر للاحتلال لضم الضفة الغربية، "وهذه أخصب فترة لـ(اسرائيل) في ظل حكم ترامب"، وفق رأيه.

وتكمن خطورة الإجراء وفق بدوية، في أنه سيُخرج الضفة كأحد موضوعات الصراع مع (اسرائيل)، ويبقيه في غزة فقط، مشدداً على أن هذه السياسة تتطلب وحدة الشعب الفلسطيني لمواجهتها.

وأكد ضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية، لمجابهة السياسة الامريكية والاسرائيلية، في محاولاتها إخراج الضفة من الصراع، منبّهاً إلى أن الخطر الأمريكي سيضر بسلطة رام الله وغزة أيضاً.

تجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية تنشر تقريراً سنوياً منذ عام 2011، حول ممارسات حقوق الانسان والذي يعاين أوضاع حقوق الانسان في العديد من الدول.

وفي نسخته الأخيرة التي صدرت باسم القائم بأعمال وزير الخارجية جون ساليفان في واشنطن، الجمعة الماضية، تجنب التقرير استخدام مصطلح "الأراضي المحتلة" عن الجولان المحتل أو الضفة الغربية، في الفصل الذي تطرق لـ(اسرائيل) والأراضي الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية، تحت مسمى "إسرائيل والأراضي المحتلة".

وطوال سبع سنوات تطرق التقرير السنوي الى "مرتفعات الجولان الواقعة تحت احتلال إسرائيلي"، و"الأراضي المحتلة" قاصدا الضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس.

المفهوم الدولي

من ناحيته، قال أستاذ وخبير القانون الدولي د.حنا عيسى، إن الأراضي الواقعة بين الخط والحدود الشرقية السابقة لفلسطين الانتدابية التي تم احتلالها عام 1967 هي أراضٍ محتلة تعتبر (إسرائيل) فيها سلطة الاحتلال وفقاً للقانون الدولي.

وأضاف في بيان له نشر أمس: "بغض النظر عن التصنيفات المختلفة للأراضي الفلسطينية (أ- ب- ج) وما يقترن بها من صلاحيات متفاوتة، فإن المناطق الفلسطينية برمتها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال العسكري الإسرائيلي".

وأشار أستاذ القانون إلى أن المادة 42 من لائحة لاهاي لسنة 1907 عرفت الاحتلال الحربي بكونه اجتياز قوات أمنية أجنبية معادية إقليم دولة أخرى والسيطرة عليه سيطرة فعلية من خلال نجاحها في إنشاء وإقامة إدارة عسكرية تمارس من خلالها أعمال إدارة وتسيير شؤون الإقليم المختلفة في ظل احتفاظها بقدرة فرض الأمن والنظام عليه بشكل فعلي ومتواصل.

ولفت إلى أنه بموجب هذه المادة فإن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، تخضع لحالة احتلال حربي، يترتب عليه انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب.