فلسطين أون لاين

عدوان 2008 واشتقاق استراتيجيات مضادة


كانت خطة عدوان 2008 على غزة مرتكزة على استراتيجيات الحرب الصهيونية التقليدية والمعتمدة على المفاجأة والصدمة والحرب بأرض العدو وهي نفسها التي استخدمت في الحروب السابقة والتي تم تأسيسها أيام بنغوريون. وقد سرب العدو الصهيوني مجموعة من الأخبار والمعلومات التي توحي بأن الأجواء السياسية والأمنية والعسكرية هادئة وطبيعية. وذلك في محاولة لخدعة المقاومة لتكون الضربة أكثر مفاجأة وأكثر ايلاما للشعب والمقاومة معا. ولقد كان مشهد الضربة الأولى مؤلما حيث تم توجيهها نحو احتفال الشرطة الفلسطينية. كانت المشاهد كفيلة بأن تحدث آثارا نفسية كبرى على مستوى الحرب النفسية. لكن قدرة المقاومة على امتصاص الضربة الأولى واستيعابها والعمل على منع تقدم القوات الغازية على كثير من المحاور؛ كان لذلك أثر معاكس تماما لما توقعته المحافل العسكرية الصهيونية إضافة إلى المستويات الأمنية والاستخباراتية والسياسية والتي تفاجأت بمستوى الامتصاص والجاهزية والتحول من الدفاع نحو الهجوم التدريجي.

لم تجد القوات الصهيونية سوى المناطق البينية بين المدن والمحافظات وهي التي تكون دائما حسب المخططات الحضرية والاقليمية أراضي زراعية او فارغة. وجعلت هذه المناطق طرقا التوغل ومساحات للمناورات الشكلية والوهمية من خلال ادعاء التحرك باتجاه أهداف حقيقية وهي لم تكن في الحقيقة كذلك إنما هي نوع من أنواع الايهام أو العملياتية الزائفة.

إن استخدام معظم سلاح الجو الصهيوني في الضربة الأولى وفي نفس اللحظة كان يهدف إلى إحداث شلل بالصدمة الهجومية لكل مفاصل المقاومة فتنفتح الطريق أمام الدبابات الصهيونية في حرب برية وحرب مدن بعد انهيار جزء كبير من خطة المقاومة و دفاعاتها ووسائل هجومها. لكن ذلك لم يحدث؛ بل العكس هو الذي حدث مما جعل الخطة الصهيونية تنعكس سلبا عليهم؛ فكانت النتائج مضادة؛ وتحولت الحرب وكأن العدو الصهيوني يخوضها ضد نفسه مما جعله يعمل على انهائها دون تحقيق أهدافه التي اضطر مرات إلى تغييرها خوفا من المحاسبة والمساءلة للمستويين السياسي والعسكري.

ولعل من أكثر المفاجآت التي تفاجأ بها العدو الصهيوني هي الروح المعنوية العالية التي تميز بها الشعب الفلسطيني واستعداده للتضحية واحتضانه للمقاومة رغم الخسائر البشرية في الضربة الأولى.

كانت "الفرقان" تدريبا ميدانيا وفحصا عملياتيا لمدى قدرة الجيش الصهيوني على قدرته استخدام استراتيجياته التقليدية في الحروب؛ وكانت دروسها مهمة جدا في الجانب التقييمي وجوانب أخرى تم استثمارها بنجاح في الحربين التاليتين 2012 و 2014 مما كان له أكبر الأثر في تراجع هذه الاستراتيجيات وبدأ العدو في البحث عن استراتيجيات مضادة للمضادة التي استخدمها المقاومون خلال الحروب المختلفة؛ وهو الأمر الذي يحتاج مزيدا من الصراع الدماغي بين المقاومة والاحتلال.