فلسطين أون لاين

ملقى على الأرض وغارق بالدم

لماذا تعمد الاحتلال نشر صورة أحمد جرار بعد استشهاده؟

...
الشهيد أحمد جرار
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

لم تتوقف الملاحقة الإسرائيلية للشهيد أحمد نصر جرار عند اغتياله بالسادس من الشهر الجاري في قرية اليامون قضاء مدينة جنين، شمال الضفة الغربية بعد مطاردة مكثفة استمرت لقرابة الشهر بل ما زالت محاولات استهداف الشاب العشريني مستمرة حتى بعد مماته.

ومنذ اللحظات الأولى التي أعقبت اغتيال جرار تعمدت وسائل إعلام إسرائيلية نشر صورة لجثمان جرار وهو ملقى على الأرض والدماء تغطي وجهه، في محاولة لتحطيم الصورة الذهنية التي ارتبطت بأحمد كـ"بطل شعبي مقاوم" في الضفة المحتلة وعموم الأراضي الفلسطينية.

وخلال الأيام الماضية تحدثت عدة تقارير إسرائيلية عن كيف تحول جرار إلى رمز للمقاومة، فقال الكاتب بموقع “والا” الإسرائيلي "آفي يسخاروف" إن "العمليات الفاشلة التي شنتها قوات الاحتلال لتصفية أعضاء خلية نابلس، أوصلتهم لدرجة الشهرة وكأن الفلسطينيين كانوا يبحثون عمن يعيدهم لأيام الانتفاضتين الأولى والثانية".

وكذلك قالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن "جرار تحول لرمز وطني لا تستطيع (إسرائيل) محاربته وشعبيته اتسعت بشكل واسع ليس فقط لكونه فدائيا وسيما بل لأنه "دوّخ" الاحتلال خلال مطاردة واسعة جرت دون توقف بكل الوسائل المتاحة وقد قارنه الفلسطينيون بالقيادي محمد ضيف".

وفي ذات السياق، قال الكاتب الفلسطيني وديع عواودة بتغريدة إلكترونية "منذ البداية حاول الاحتلال تحطم أسطورة أحمد البطولية بعيون شعبه كفدائي يواجه دولة ويفلت من قبضتها مرة تلو المرة، بهدف قتل صورته الأسطورية الملهمة بوعي وذاكرة شعبه بالأساس من خلال تسريب صورة فوتوغرافية لجثمانه ملقى على الأرض".

تعزيز فكر المقاومة

الناشط أحمد أسامة جرار أوضح أن الاحتلال عمل منذ راح يطارد جرار في قرى جنين على تشويه صورته والإساءة له بتأليف ونسج روايات كاذبة بعد حجم التضامن والالتفاف الشعبي الكبير والمميز الذي حظي به الشهيد، مؤكدا على ضرورة تصدير صورة أحمد الإنسان والشاب المقاوم في الإعلام الفلسطيني.

وقال الناشط جرار لصحيفة "فلسطين" "البعض من معارضي المقاومة ونهج السلاح قد يتساوق مع روايات الاحتلال، لكن في قضية الشهيد جرار أوجد التفافاً وتوحدا مع قبل جميع أطياف الشعب على رمزية الشهيد والافتخار بعمليته ونهجه".

وأضاف: "نموذج الشهيد جرار شكل أيقونة للمقاومة ومثالاً يحتذى به للشعب الفلسطيني وهذا ما حاول الاحتلال تغييره لكن دون جدوى، وسعى الاحتلال للتواطؤ مع موقع فيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي لحذف اي عبارات أو صور تخص الشهيد".

وأشار الناشط جرار إلى أهمية الدور الذي يلعبه نشطاء الإعلام الاجتماعي في تعزيز ودعم فكر المقاومة من خلال تخليد نهج الشهداء والاحتفاء بهم وذكر بطولاتهم وسير حياتهم، مقابل مواجهة السياسات التي تسعى لتشويه العمل المقاوم والمقاومين أنفسهم.

وكانت مبادرة "صدى سوشال" كشفت أخيرا عن حملة يشنها موقع فيسبوك لملاحقة عشرات الحسابات الفلسطينية نشرت صورة الشهيد أحمد نصر جرار، حيث تعود الحسابات المستهدفة لصحفيين ونشطاء معروفين، وأن الاستهداف شمل حسابات لمجرد نشرها أخبار عمليات ملاحقة الفدائي جرار قبل استشهاده.

قديمة جديدة

من جهته، ذكر أستاذ علم النفس جميل الطهراوي أن الاحتلال يتعمد نشر صور المقاومين الشهداء هم غارقين بالدم أو مكبلين اليدين إن جرى اعتقالهم، بهدف هز صورتهم في أذهان الجماهير، مبينا أن تلك السياسية هي قديمة جديدة تحددها الظروف.

وقال الطهراوي في حديثه لصحيفة "فلسطين": "يخشى الاحتلال أن يصبح جرار بمثابة قدوة للشباب في الضفة بعدما قارع الجنود الإسرائيليين كالأبطال، فيقدموا على تقليد أفعال جرار، ومن أجل ألا يحدث ذلك السيناريو يتعمد الاحتلال التقليل من قيمة الشاب أحمد ونشر صوره وهو ملقى على الأرض والجروح تملئ جسده".

وبين الطهراوي أن "وسائل الإعلام الفلسطينية والمرئية منها تحديدا يتوجب عليها أن تكون بمستوى ذكاء الخصم وتجنب تحقيقه أهدافه بطريقة غير مقصودة، وكل ذلك يكون بنشر صور جرار الإنسان بالدرجة الأولى والمقاوم البطل ضد الاحتلال".

وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، صورا جديدة للشهيد أحمد جرار وهو يحمل سلاحا أوتوماتيكي من نوع “m16” وبلباس عسكري، وكان بعضها برفقة الشهيد جمزة أبو الهيجا الذي اغتالته قوات الاحتلال في العام 2014 في عملية خاصة لقوات الاحتلال بمدينة جنين.