فلسطين أون لاين

​تقليص الخدمات الطبية كابوسٌ يؤرق أصحاب الأمراض المزمنة

...
غزة - نسمة حمتو

تتخوف الستينية "هدى إسماعيل" من تأثير أزمة انقطاع التيار الكهربائي على العيادات الحكومية، فهي مصابة بعدة أمراض مزمنة منها السكري وارتفاع ضغط الدم، وحالتها الصحية توجب عليها التوجه إلى العيادة القريبة من بيتها ثلاث مرات أسبوعيًا كي لا تُصاب بأي مضاعفات، وعلى الرغم من قطعها مسافة كيلو متر، في كل مرة، للحصول على العلاج، إلا أن ذلك لا يمثل مشكلة بالنسبة لها بالمقارنة مع مشكلة عدم توافر العلاج وعدم مقدرتها على شرائه بسبب وضعها المادي الصعب.

وفي ظل وقف خدمات بعض المستشفيات، وتقليص خدمات بعض المراكز الصحية الحكومية، ونقص الأدوية، تخشى هذه السيدة أن يصل الدور إلى أدوية الأمراض المزمنة، وهكذا الحال لغيرها من المصابين بأمراض مزمنة ممن يعتمدون في توفير أدويتهم على الخدمات الحكومية.

متوافر ولكن..

هذه السيدة التي تحصل على مساعدة مالية من وزارة الشئون الاجتماعية مرة واحدة في كل أربعة أشهر، لا تستطيع توفير ثمن الأدوية التي تحتاج إليها، وهي تعتمد اعتمادًا كليًّا على وزارة الصحة في غزة في الحصول على حاجتها من الدواء.

قالت عن مخاوفها من تأثير الأزمة عليها: "أخشى أن يتم إغلاق العيادات والمستشفيات ولا أتمكن من الحصول على علاج الضغط والسكري، صحيح أنه متوافر في الصيدليات بأسعار متدنية، ولكنني في بعض الأحيان لا أملك شيكلًا واحدًا، فمساعدة الشئون الاجتماعية تذهب فور الحصول عليها لسداد الديون المتراكمة طيلة الأشهر السابقة".

وأضافت: "هذه الأزمات تقلقني بشدة، فالوضع الماضي لأسرتي سيئ جدًا، حتى أن اثنين من أبنائي اقتربا من منتصف الثلاثينيات ولم يعملا ولم يتزوجا بسبب الوضع السيئ، إلى متى سنبقى على هذا الوضع..؟".

كل يوم كارثة

وتعاني "أماني ارحيم" (35 عامًا) هي أيضًا من عدم مقدرتها على شراء اللازم لوالدها المصاب بمرض السكري، وعن ذلك قالت: "لولا حصولنا على العلاج من العيادات الحكومية لما استطعت تمكنا من توفيره، فنحن غير قادرين على شرائه من الصيدليات، إغلاق المستشفيات مصيبة كبرى تهدد حياة المرضى، أين المؤسسات الحقوقية مما يحدث في الناس؟".

وأضافت: "في كل يوم نُفاجأ بكارثة جديدة تصيب غزة، مرة تزداد الضرائب، وأخرى تُغلق المستشفيات، هذا غير أزمة الكهرباء التي لا تصلنا سوى ساعات محدودة في اليوم فقط، إلى متى سنموت قهرًا وظلمًا في غزة والعالم ينظر إلينا من بعيد فقط دون أن يتدخل أحد لإنقاذنا".

كابوس

حال مشابه يمرّ به الخمسيني "مصطفى الفراحتة"، فهو يعاني من آلام مزمنة في القولون العصبي ويحصل على علاج خاص به من العيادة القريبة من منزله ولا يستطيع توفيره على نفقته، لذا فإن وقف خدمات المستشفيات والعيادات يشكل كابوسًا له.

قال: "يقتلوننا ببطء في غزة، لا علاج جيد ولا كهرباء ولا وقود، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ماذا يفعل رب الأسرة وهو لا يعمل ولديه سبعة أبناء جميعهم في المدارس والجامعات؟! إلى متى سنعيش نفس المأساة ونبقى تحت ضغط الأزمات المختلفة؟".

وتعاني "أم سمير منصور" (63 عامًا) من ارتفاع ضغط الدم منذ ما يزيد على أربع سنوات، وتتناول الأدوية يوميًا حتى لا تزداد حالتها خطورة.

قالت: "قبل فترة، تم تقليص كميات الدواء الداخلة للقطاع، واليوم تتكرر نفس المأساة، إلى متى سنكون، نحن المرضى، في خانة الانتظار والخلافات السياسية؟ إلى متى سنكون ضحايا الحصار والكهرباء ونقص الدواء والوقود؟ هذه أرواح مرضى لا يمكن المخاطرة بها أو التخاذل عن تقديم الخدمات اللازمة لها".

التهديد بالحقوق

المخاوف ذاتها تنتاب الستيني "أبو طلال جمعة"، إذ يعاني من أزمة صدرية حادة ويحتاج إلى "بخاخات" خاصة، إضافة إلى معاناته من مرضي السكري وارتفاع ضغط الدم.

قال:" لم يبقَ سوى منع الهواء الذي نتنفسه، حالتنا الصحية تزداد صعوبة يومًا بعد يوم، ولا أحد ينظر إلى معاناتنا، كفى لعبًا بأعصابنا وأروحنا، نحن أصحاب أمراض مزمنة وأي تأثير على حالتنا النفسية يؤثر على حياتنا بشكل سلبي".

وأضاف: "من أين سيأتي الرجل الكبير في السن ومتقاعد بمئة شيكل أسبوعيًا ثمن العلاج؟ لماذا يتم تهديدنا دومًا بحقوقنا؟ فتقديم الدواء لنا ليس كرمًا من الحكومة، بل واجب مفروض عليها، من المفترض أن نعيش بكرامة أكثر مما نحن عليه الآن".

وتضطر الحاجة "رحاب عناية" (70 عامًا) في بعض الأحيان لشراء أدوية السكري وارتفاع ضغط الدم من الصيدلية نظرًا لحاجتها الملحة لها.

وعن ذلك قالت: "يكفي أننا نعاني الأمرين من أجل الحصول على لقمة العيش، والآن سنعاني أكثر لكي نحصل على الدواء، غالبًا أضطر لشرائه من الصيدلية عندما ينفذ، والله وحده من يعلم كيف أستطيع تدبير هذه الأموال".