فلسطين أون لاين

​العلمي.. "مفتاح" حماس في علاقاتها الخارجية

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

لم تمنع حالة الصمت والهدوء التي تميز بها القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس المهندس عماد العلمي، قبل رحيله، من أن يضع بصماته الخالدة في جميع مراحل تطور حركته على مدار ثلاثين عامًا.

وعمل العلمي، طوال ثمانية عشر عامًا قضاها مبعدًا مجبرًا عن وطنه قبل عودته لقطاع غزة عام 2012، بمثابة "مهندس حماس الأول" في رسم وبناء علاقاتها الخارجية و"مفتاحها" في كسر قيود العزلة الإقليمية والدولية التي حاول الاحتلال الإسرائيلي فرضها على الحركة، وفقًا لمقربين منه.

وعلق الدكتور فضل الزهار، الذي رافق العلمي على مدار 12 عامًا خارج الأراضي الفلسطينية، قائلًا: "تمتع المهندس عماد بسلسلة من الأخلاق الحميدة والصفات النيرة التي جعلت منها رجلا سياسيا ودبلوماسيا من الطراز الرفيع ومن أبرز مهندسي علاقات حماس الإقليمية والدولية".

وأضاف الزهار في حديثه لصحيفة "فلسطين": "إلى جانب حسن الخلق والزهد في الدنيا، كان العلمي يتمتع بالتواضع في إطار المصلحة العامة والقدرة على إقناع الآخرين وتوحيد الآراء المتباينة على قواسم مشتركة فضلًا عن التزامه الصمت في أثناء العمل والاكتفاء بالوقائع على الأرض كمتحدث باسمه".

وتابع الزهار: "نشط العلمي خلال تنقله بين عدة مهام في المكتب السياسي لحركة حماس بالخارج، في تحسين صورة الحركة لدى الدول الغربية ومواجهة محاولات الاحتلال إلصاق تهمة "الإرهاب" بحماس، وكل ذلك بفضل الفكر الواسع الذي تميز به العلمي وحسن طرحه".

وأشار الزهار إلى أن السر وراء نجاحات العلمي في نسج شبكة علاقات خارجية ناجحة لـ"حماس" يكمن وراء إيمانه وتأكيده الدائم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتقديمه للقضايا العامة المرتبطة بالقضية الفلسطينية على شؤون الخاصة الحزبية، موضحًا أن الراحل العلمي "كان دائمًا يذّكر إخوته في الغربة بأنه سفراء للإسلام بالدرجة الأولى".

رجل إستراتيجي

فيما وصف الشيخ والقيادي في حماس مصطفى القانوع، الذي رافق العلمي في مختلف محطات الغربة، المهندس الراحل بـ"الرجل الاستراتيجي الذي يهندس كل القضايا ولا يتركها تمضي دون تخطيط مدروس مصحوب بفكر عميق وكذلك تنفيذ دقيق"، مبينًا أن "العلمي شخص قيادي كان وسيبقى يُشار إليه بالبنان لنجاحاته البارزة على صعيد بناء العلاقات الخارجية لحماس".

وأوضح القانوع خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" "لعب أبو همام خلال فترة إبعاده عن فلسطين بعد عام 1991 دورا بارزا في التخطيط لإيجاد تمثيل رسمي لحماس في عدة دول محورية، وذلك برفقة الرئيس السابق للمكتب السياسي خالد مشعل والدكتور موسى أبو مرزوق، وذلك بهدف حشد كل القدرات والآراء الداعمة للقضية الفلسطينية وللمقاومة".

واستذكر القانوع حالة الصمت والتفكير الهادئ الذي كانت تميز الراحل العلمي، قائلًا: "دائما ما كنا نجده جالس في مكتبه لساعات طويلة وعندما نبادره بالسؤال عن سبب مكوثه يجيبنا مبتسمًا: "عم بخمر فكرة".. رحمه المولى كان حقا رجل مفتاح حماس الأول في علاقاتها الخارجية".

ونوه القانوع إلى أن العلمي دائما ما كان يدعو للمبادرة بطرق أبواب الدول وشرح أفكار حماس لهم على قاعدة أنها حركة مقاومة تسعى لاسترداد الأرض المسلوبة بمختلف السبل الممكنة، مؤكدا أن العلمي كان له دور بارز وخفي في تخفيف وطأة الحصار الذي حاول الاحتلال فرضه على حماس دوليًا بعد فوز الحركة في الانتخابات التشريعية عام 2006.

وذكر القانوع أن المهندس العلمي كان مرجعًا أساسيًا ودائمًا لدى قيادة حماس في أي قرار أو موقف مفصلي تعتزم تنفيذه، كونه كان يتمتع بالفكر الواسع والنظرة المتزنة للقضايا المختلفة.