فلسطين أون لاين

​بالخدع البصرية السينمائية.. كسب "محمود الزق" التحدي

...
غزة - هدى الدلو

العجوز الشرير التي تطير باستخدام عصا المكنسة.. مشهدٌ اعتدناه في أفلام الكرتون، فهل تساءلت -عزيزي القارئ- كيف يتم إعداد هذا المشهد، ومشاهد أخرى تشبهه كسقوط هاتف محمول في مستنقع مائي مرسوم على لوحة، أو تغيير لون سترة أحد أبطال الفيلم؟ ما يبدو قريبًا إلى الحقيقة ليس إلا خدعًا بصرية سينمائية.

في قطاع غزة، ينفذ مثل هذه الأفكار الشاب محمود الزق، ويعرضها عبر قناته "خدع محمود" على موقع الفيديو "يوتيوب".

بين الدراسة والموهبة

قال الزق (29 عامًا): "التحقت بالجامعة عام 2006، ولم ألتفت حينها إلى موهبتي، ولم أفكر باختيار تخصص جامعي مرتبط بها، وفي ذلك الوقت، لم تكن تتوافر كليات متخصصة في مجال التصميم والمونتاج، لذا درست في كلية الزراعة بناءً على رغبة صديقي المقرب، واستمررت فيها إلى أن وصلت عامي الجامعي الثالث".

في هذا الوقت، كان يعمل في مؤسسة خاصة في مجال هوايته، وبدأ بالابتعاد عن الجامعة، ليس كرهًا للدراسة، بل لأنه شعر أنه يدرس شيئًا ويهوى آخر، فهو مشتت بين مجالين بعيدين كل البعد عن بعضهما.

وأوضح: "حاولت كثيرًا أن أقنع نفسي بأن الدراسة في كلية الزراعة هي شهادة ووظيفة في حياتي، وتبقى الهواية هواية، أمارسها إلى جانب العمل".

بعد صراع طويل بين قلبه وعقله، قرر التوقف عن دراسته، والاهتمام بموهبته، وبدأ بتطوير قدراته من خلال التعليم الذاتي دون الالتحاق بدورات، وتعلّم في مجال المونتاج الكثير من الأمور، كان آخرها مجال الرسوم المتحركة "الأنيميشين جرافيك"، وأنتج موادّ كثيرة منها ما تم عرضه على شاشات الفضائيات، ومعظمها يخدم القضية الفلسطينية.

في عام 2013، التحق بكلية التصميم والمونتاج، وأنهى دراسة "الدبلوم" خلال عام ونصف، إذ كان يعرف معظم ما درسه في الكلية، فقد التحق بها للحصول على الشهادة الجامعية فقط، لأن أغلب المؤسسات توظّف حملة الشهادات، على حد قوله.

تصوير ومونتاج

يمتلك الزق موهبة في التصوير، كان يحمل كاميرا كبيرة ويصور في المناسبات الكبيرة، قبل أن يتجاوز عمره عشرة أعوام، ومن هنا بدأ مشواره في التصوير ومن ثم المونتاج.

وقال: "التصوير هواية بحد ذاتها، والمونتاج كذلك، لكن أن تدمج بين الاثنين فهذا يعني أنك قادر على أن تخرج شيئًا رائعًا".

وأضاف: "أحببت التخطيط والرسم منذ كنت في المرحلة الإعدادية، ولأني أحب أن أستمر وأبدع فيما أهواه وأراه جميلًا، فقد كنت أبحث عن كل شيء يفيدني ويعلمني هوايتي، وقبل انتشار الإنترنت، اشتريت من معرض للكتب كتابًا لتعليم الخطوط العربية والرسم وتعلمت منه الكثير، وبعد أن اقتنيت أول حاسوب في 2004م اتجهت نحو تطوير موهبتي في تعلم التصميم والمونتاج على الحاسوب، وبحثت عبر الإنترنت عن دروس وبرامج تتعلق بالأمر".

الخدع البصرية

عرض عليه صديقه مقطع فيديو يحتوي على خدعة، وسأله إن كان قادرًا على تنفيذ الخدعة، فدخل في تحدٍ معه، ومع نفسه أيضًا، للوصول إلى هذه الخدع من خلال البرامج التي يستخدمها، فحللها وفكّر فيها كثيرًا إلى أن استطاع تفكيكها واحترافها وإنتاج مقطع أفضل من الذي عرضه عليه صدقه، ونشره على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، فلاقى العمل إعجاب أصدقائه واندهاشهم، ومنهم من اقتحم هذا المجال.

وأوضح الزق أن أهمية الخدع البصرية السينمائية تكمن في قدرتها على توصيل أي فكرة للناس، إضافة إلى إمكانية استخدامها في المجال الإعلاني.

ولفت إلى أن أغلب من شاهدوا المقاطع التي ينتجها ظنوها حقيقة لا مونتاجًا، نظرًا لدقة العمل.

وأشار إلى أنه استطاع تصميم الخدع بمعدات بسيطة جدًا، إذ اعتمد على كاميرا هاتفه النقال وخبرته فقط.

ونوه إلى أن كل خدعة لها طريقة تختلف عن الأخرى، فالأمر يبدأ بالفكرة التي يريد تصميمها، ومن ثم تصويرها حسب ما تم التخطيط لها، ثم تأتي المرحلة الأصعب وهي كيفية تطبيقها وإخراجها لتبدو بشكل واقعي وحقيقي.

ويعمل الزق على توظيف مهاراته لخدمة القضية الفلسطينية، فقد كان أول عمل له هو دمج رايات الفصائل في علم فلسطين، سعيًا منه لتحقيق الحلم الفلسطيني بالوحدة.

بالطبع هناك صعوبات ومعيقات تواجهه، فالمعدات التي يعمل بها بسيطة، فعلى سبيل المثال يصوّر بكاميرا هاتفه النقال لا بكاميرا احترافية، لكنه لا يتوقف عند أي معيق.

وعن طموحاته، تحدّث بحسرة: "للأسف، واقعنا في غزة يحد سقف الطموح أحيانًا، فمثلًا أتمنى أن يتم وصل الكهرباء لأكثر من أربع ساعات حتى أصمم المقطع في يوم واحد وليس في أسبوع، ولكن هذا لا ينسيني طموحي بأن أصل للعالمية، لأثبت للعالم أن غزة مليئة بالمواهب وتبدع رغم كل الظروف".