فلسطين أون لاين

​"الصراخ".. سلاح الأمهات في مواجهة الغضب

...
غزة - صفاء عاشور

في ظل الضغوط الكبيرة التي يعاني منها الأهالي على جميع المستويات، فإن الأم غالبا ما تكون الأكثر تعرضًا لهذه الضغوط، بفعل ارتباطها بالأطفال وتواصلها المباشر والطويل معهم، تلك الفئة التي تحتاج إلى معاملة خاصة لا تجيدها بعض الأمهات.

هذه الضغوط والأعباء النفسية والجسدية التي تتعرض لها الأمهات، تجعل "الصراخ" وسيلتهن الأبرز للتنفيس عن غضبهن، فبه يعترضن على ما يفعله الأبناء، وبه يوجهن للصغار اللوم، وبالتأكيد فإن الأمر يتعدى الحديث بصوت مرتفع، إلى الشتائم والعبارات المهينة للأبناء في كثير من الأحيان.

لو ساعدني

صباح سليم (29 عاما) أم لأربعة أطفال ذكور، تبدأ بالصراخ منذ ساعات الصباح الأولى، عندما توقظ أبناءها للتوجه إلى مدارسهم.

وقالت لـ"فلسطين": "لا أستطيع أن أتمالك نفسي، فأنا أكون متعبة من اليوم السابق، وأستيقظ على نفس الحال، لأكرر السيناريو ذاته الذي يبدأ بإيقاظ الأطفال للمدارس ثم ترتيب البيت قليلًا، وبعدها التوجه للعمل والذي أقضي فيه سبع ساعات متواصلة".

وأضافت: "أعود من عملي لأجد الأطفال عادوا من المدارس وقلبوا البيت رأسًا على عقب، لتستمر معاناتي في الترتيب وتجهيز الطعام ومراجعة الدروس وكتابة الوظائف المدرسية".

وتابعت: "ما يزيد المعاناة أن زوجي لا يساعدني، وأكثر ما يزعجني مطالبته لي بالكف عن الصراخ، ولكنه لا يعرف أنه لو ساعدني في مهمة واحدة فإن الصراخ سيقل تلقائيا".

أما عند "فاطمة عليان"، فالأمر لا يقتصر على الصراخ بل يمتد في بعض الأحيان لإطلاق بعض الشتائم على الأطفال، رغم علمها أن ما تفعله خاطئ، إلا أنها لا تستطيع السيطرة على نفسها، وفق اعترافها.

وقالت لـ"فلسطين": "أنا سريعة الغضب من أبسط الأشياء، وغالبًا ما يكون الصراخ هو التعبير المباشر عن غضبي رغم تحذير المحيطين لي من أن صراخي سينعكس سلبًا على أطفالي".

وأضافت: "حاولت أكثر من مرة ضبط أعصابي، وفي بعض الأحيان كنت أنجح فأكون سعيدة، ولكن سرعان ما يعود الغضب ليسيطر علي، إذ لا أستطيع تحمل تصرفات أطفالي".

التخلص من الأسباب

المستشارة الأسرية ليلي أبو عيشة أكدت أن عادة الصراخ عند الأمهات تعود لأسباب عدة، منها أسباب جسدية وعضوية يمكن البحث عن علاج لها، وثمة أسباب نفسية وضغوط على الأم وهذه يجب البحث فيها والعمل على حلها.

وقالت لـ"فلسطين" إن: "الأم التي تعاني من ضغوط نفسية مثل الحزن، والقلق والتوتر، تحاول تفريغ غضبها على أولادها ومن حولها من أقاربها الذين تتوقع أن يتحملوا غضبها غير المبرر".

وأضافت: "معظم الأمهات يشعرن بالذنب وتأنيب الضمير بعد ممارسة الصراخ على الأبناء، لذلك يجب على الأم أن تعتذر لهم بعد هدوئها مباشرة من نوبة الغضب التي كانت قد فرغتها فيهم، وعليها أن تعترف أنها لم تكن تقصد أي إساءة لهم".

وأوضحت أن هذا الاعتراف يحمي الأطفال من التأثر بصراخ الأم، ويحول دون تقليدهم لها، مبينة أنه يتعين على الأم أن تحدد أسباب عصبيتها، ومن ثم توجد لها الحلول، وأن تعالج كل سبب على حدة.

وشددت أبو عيشة على ضرورة أن تخضع الأم لجلسات تفريغ للضغط النفسي، وأن تتجنب أسباب القلق والتوتر، وكذلك أن تبتعد عن المشاعر السلبية، في محاولة للوصول للاسترخاء النفسي.