ما يزيد عن أسبوعين، مرا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي، لكن قياديين فلسطينيين يشيرون إلى عدم وجود خطة وطنية موحدة وشاملة حتى الآن، في مواجهة هذه الخطوة الأمريكية.
ويتساءل عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي: "كيف سيكون (هناك خطة) بين الكل الوطني الشامل ولم ينجز بعد موضوع المصالحة ولا الوحدة؟".
ويقول زكي لصحيفة "فلسطين"، إنه قد تكون هناك رؤى مطروحة على المجلس المركزي حال عقده بين 10 و15 من الشهر المقبل.
ويشير إلى أن لدى فتح ونظيراتها من الفصائل برامجهم وخططهم إزاء القرار الأمريكي بشأن القدس المحتلة، لكن حتى اللحظة لا يوجد برنامج وطني مشترك، ولا قيادة موحدة.
وردا على سؤال، عما إذا كان هناك تناقض بين تصريحات سابقة لنائب رئيس حركة فتح محمود العالول قال فيها إن اتفاق أوسلو انتهى وأن جميع أشكال المقاومة مشروعة، وبين تمسك رئيس الحركة والسلطة محمود عباس بالخيارات السياسية، نفى زكي وجود تناقض، لكنه أشار إلى انتهاك القرار الأمريكي لعملية التسوية.
ويوضح أن كلّا يمكنه تفسير هذه التصريحات بالطريقة التي يريدها، وصولا لقرار المجلس المركزي، معربا عن أمله في أن يكون قرارا وطنيا شاملا.
وأحال زكي الإجابة عن سؤال حول تأثير عدم وجود خطة وطنية موحدة على الموقف الفلسطيني، إلى من وصفهم "المعنيين بالأمر".
في المقابل، يقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، إن حركته لم يصلها دعوة للاشتراك في اجتماع محتمل للمجلس المركزي، مضيفا أنه عندما تصلها الدعوة ستكون قيد الدراسة في مؤسسات الحركة.
ويوضح المدلل، لصحيفة "فلسطين"، أن هناك لقاءات مستمرة وطارئة وغرف مشتركة تنظمها الفصائل في قطاع غزة، كما انبثقت لجنة المتابعة لانتفاضة القدس من لجنة القوى الوطنية والإسلامية، فضلا عن خطة فعاليات للأيام القادمة لمواجهة قرار ترامب.
ويتابع: "رأينا كيف استمرت المظاهرات وانتفاضة القدس بوتيرة واحدة في الأيام السابقة"، مشيرا إلى تواصل بين لجنة القوى الوطنية والإسلامية في القطاع ونظيرتها بالضفة الغربية، للاستمرار في انتفاضة القدس ودعمها.
لكنه يؤكد عدم وجود تواصل مع السلطة، بقوله: "ليس هناك تواصل إلى هذه اللحظة مع السلطة الفلسطينية".
وفي الوقت نفسه، يقول إن ما انبثق عن السلطة "أنها في وضع لا يخرجها عن دائرة التماهي مع الموقف الشعبي الفلسطيني، لكن نحتاج إلى جانب ذلك لمزيد من الخطوات التي تطمئن الشعب الفلسطيني بأن هناك وحدة فلسطينية لمواجهة هذا القرار الصهيوني الأمريكي، بداية برفع الإجراءات (العقابية) عن قطاع غزة، ومن ثم وضع استراتيجية وطنية".
"المستوى المطلوب"
من جانبه، يقول القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدران جابر: "لم نرتق بعد للمستوى المطلوب لمواجهة الخطة الأمريكية؛ لا فصائل ولا قوى ولا منظمات ولا مؤسسات".
ويضيف جابر لصحيفة "فلسطين": "نعيش حالة تصدي للهجوم (قرار ترامب) بطريقة عفوية مطلقة، وواضح أن الجماهير تحركت بطريقة عفوية لمواجهة هذا العدوان الصريح من قبل الإدارة الأمريكية على شعبنا وعلى حقوقه".
ويفسّر: "لم نرتق لمستوى رد الفعل المنظم والواعي والهادف ضمن سياق محدد هو الحفاظ على حقوقنا والرد على أمريكا بطريقة تجبرها على التراجع عن القرار بشأن القدس أو على الأقل ألا نسمح بتمريره".
ويرى القيادي في "الشعبية"، أن الجماهير الفلسطينية تعيش "حالة من التيه الجزئي، فهي تعرف أن هناك عدوا يجب التصدي لمخططاته، لكنها تُركت دون قيادة، حيث لا يزال التردد والغموض واضحا، ولا يزال نبض الشارع غير مسموع في هيئات القرار ومراكزه".
وفيما يطالب جابر، بحالة توحد رسمية وشعبية فلسطينية، يعتبر أن هذه الحالة مفقودة.
ويشير إلى تصريحات مستشار عباس للشؤون الخارجية نبيل شعث، خلال لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، عن وجود إمكانية لأن تكون واشنطن جزءا من صيغة جديدة للتسوية في الشرق الأوسط.
ويتساءل جابر: "ماذا يعني إعادة قبول أمريكا كطرف (في التسوية)؟"، مبينا أن السلطة جربت الولايات المتحدة واللجنة الرباعية الدولية، التي فشلت.
ويقول: "نحن بحاجة لموقف فلسطيني واستراتيجية عمل وطنية تعرض على العالمين العربي والإسلامي بطريقة واضحة، وإن لم يكن على الرسميين العرب فيجب أن نكون على صلة بالأحزاب والفصائل والقوى والتيارات والأطر الجماهيرية العربية لتشكل رافعة وداعما وتتبنى نفس موقف الشعب الفلسطيني الرافض لضم القدس للكيان الصهيوني".
ويعتقد جابر، أن الشعب الفلسطيني "بحاجة لقيادة أكثر جرأة"، تقود مواجهة قرار ترامب.
ويرى أن "غياب القيادة الوطنية الموحدة" مؤشر سلبي سينعكس على مدى الإنجاز المطلوب من قبل الجماهير لصالح خدمة قضية القدس، وإنهاء الاحتلال والاستيطان.
ويقول جابر إن هناك "تناقضا كبيرا" بين خطابات وأقوال عدد من أعضاء اللجنة المركزية لفتح.
ويضيف أن عباس "يتفرد باتخاذ القرار"، متسائلا: "لماذا غادر (رئيس السلطة) الأرض المحتلة في هذا الظرف الحرج؟".
ويطالب بـ"ضبط المسار الفلسطيني في إطار الثوابت ووثيقة الاستقلال والإسراع في إنجاز الوحدة الوطنية وتفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير".
وفيما يتعلق بالاجتماع المحتمل للمجلس المركزي، الشهر المقبل، قال جابر: "أعتقد سترتفع الخطابات كثيرا، لكن دور المجلس المركزي مسلوب"، عادا أن منظمة التحرير "رهينة تعيش في يد حزب" في إشارة إلى حركة فتح.
ويردف: "إذا استطعنا تشكيل إطار موحد لكل الرافضين للنهج الاستسلامي (يقصد التسوية التي تنشدها السلطة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي) ممكن هذا يؤثر ويعيدهم إلى صوابهم".
ويتمم: "إذا بقينا فرادى كفصائل وكل له برنامجه واستراتيجيته وتكتيكاته.. سيظل القرار بيد أشخاص نذرت نفسها لخدمة السلام المزعوم الذي نعرف أنه كذبة كبيرة".