لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، بل بدأ ينسج خيوطه لتهويد الحرم الإبراهيمي الشريف ضاربًا بعرض الحائط الأعراف والمواثيق الدولية كافة، التي أقرت أنها موقع تراثي وديني فلسطيني خالص.
وأقدم مستوطنون يهود، الأربعاء الماضي، وتحت حماية من سلطات الاحتلال على وضع شمعدان -شعار رسمي إسرائيلي- فوق سطح المسجد الإبراهيمي للمرة الأولى منذ سيطرة الاحتلال على مدينة الخليل، بحجة ما يسمى بعيد الأنوار اليهودي.
وقال مدير عام مديرية أوقاف مدينة الخليل إسماعيل أبو الحلاوة: إن إقدام الاحتلال على وضع "شمعدان" فوق المسجد الإبراهيمي في سابقة خطيرة هي الأولي من نوعها منذ احتلاله لمدينة الخليل عام 1967.
ووصف أبو الحلاوة لصحيفة "فلسطين" تلك الخطوة بالخطيرة، والتي تأتي لتهويد الحرم الإبراهيمي الشريف في محاولة لإرضاء رغبات المستوطنين، وإحلالهم في المنطقة من أجل تهويد الحرم وتحويله لكنيس يهودي، مؤكدًا أنه إرث فلسطيني خالص.
وأضاف: "سلطات الاحتلال الإسرائيلية تسارع الخطى بعد قرار اليونسكو اعتبار الحرم الإبراهيمي موقعًا تراثيًا ودينيًا فلسطينيًا خالصًا؛ لتهويد الحرم الإبراهيمي الشريف"، مؤكدًا رفضه القاطع لتلك السياسة جملة وتفصيلاً.
وأمضى أبو حلاوة يقول: "إن سلطات الاحتلال ومستوطنيه يمارسون حربًا شرسة على المقدسات، ما يستدعي من الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي تدخلًا عاجلًا لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية الممارسة في الحرم الإبراهيمي ووقفها، وفضحها في المحافل الدولية والمنابر الإعلامية كافة".
وجدد التأكيد أنه لا حق للاحتلال الإسرائيلي في المكان ولا حق لهم بوضع رموزهم الدينية فوق الحرم الإبراهيمي الشريف، مشيرًا إلى أن مديريته وجهت رسائل احتجاج للمعنيين كافة في "اليونسكو"، بشأن الانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال ومستوطنوه، بالإضافة إلى رفع قضية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية لتعدي المستوطنين على الحرم الإبراهيمي.
ودعا الدول التي صوتك لصالح قرار لـ"يونسكو" للوقوف عند مسؤولياتها ووقف التغول الإسرائيلي عليه واتخاذ خطوات عملية لمنع وقوع مثل تلك الأعمال.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو"؛ بداية تموز/ يوليو الماضي، عن البلدة القديمة في الخليل كـ "منطقة محمية" بصفتها موقعًا "يتمتع بقيمة عالمية استثنائية"، وذلك في أعقاب تصويت 12 عضوًا في "لجنة التراث العالمي" التابعة للمنظمة الأممية لصالح القرار، مقابل معارضة ثلاثة فقط وامتناع ستة عن المشاركة في عملية التصويت.
بدوره، قال رئيس بلدية الخليل تيسير أبو اسنينة: إن الاعتداء على الحرم الإبراهيمي الشريف وتهويده هو مقدمة للاعتداءات على القدس والمسجد الأقصى المبارك وتهويده.
وأضاف أبو اسنينة، لصحيفة "فلسطين" أن الهدف من محاولات الاحتلال المتكررة في الحرم الإبراهيمي هدفها تهويده ونقل التجربة للمسجد الأقصى المبارك بعد معالجة ردود الأفعال الدولية"، معربًا عن استنكاره لإجراءات الاحتلال المرتكبة كافة في القدس والحرم الإبراهيمي.
وأكد أن "القدس والحرم الإبراهيمي مسجدان خالصان للمسلمين، وأنه لا مكان للاحتلال فيهما، وعلى الجميع أن يدرك ذلك وتجنب العبث في المقدسات الإسلامية"، داعيًا الأمة العربية حكامًا وشعوب للانتفاض نصرة للقدس وللحرم الإبراهيمي الشريف.
وأمضى أبو اسنينة يقول: "إن الاعتداء المتكرر على الحرم الإبراهيمي ليس جديد وبدأت منذ اليوم الأول لاحتلال مدينة الخليل عام 1967، وإقامة عرس جماعي يهودي في ساحات الحرم تبعها سلسلة اعتداءات إسرائيلية وصولاً لمذبحة الحرم عام 1994، ومن ثم تقسيمه، وصولا لوضع الـ"شمعدانا" فوقه سطحه.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تواصل استيطان مدينة الخليل وتقسيمها وحرمان سكانها من الوصول إلى بعض المناطق، وتهجير عدد منهم عنها، وتقسيم الحرم ووضع الأعلام الإسرائيلية على جدرانه، وضع الشمعدان على سطحه وهي بمثابة الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة لتهويده.
ويشار إلى أن سلطات الاحتلال تغلق المسجد الإبراهيمي طيلة فترة الأعياد اليهودية، بموجب قرارات لجنة "شمغار" الإسرائيلية التي شُكلت بعد مجزرة الإبراهيمي عام 1994، وانبثق عنها قرارات بتقسيم المسجد زمانيًا وإغلاقه أمام المصلين المسلمين لفترات معينة تصل لعشرة أيام في العام.