فلسطين أون لاين

​كيف أعرف أن الله قَبِل توبتي؟

...
غزة - مريم الشوبكي

يخطئ الإنسان، ويصيب، فليس من البشر معصوم إلا من عصمهم الله، من أنبياء ومرسلين، ويسعى المؤمن لأن يكون بعيدا عن الذنوب والمَعاصي، ويُكثر من الاستغفار، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستغفر الله في كل يوم، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: "واللَّهِ إنِّي لَأستَغفرُ اللَّهَ وأتوبُ إليهِ في اليومِ أَكْثرَ مِن سَبعينَ مرَّةً"، ويقول الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".

إذًا، يقع المسلم في المعاصي، والأصل أن يتوب عن الذنب ويطلب المغفرة من الله، وربما يجد من الدلالات ما يُشعره أن الله تعالى قد قبل توبته.. في السطور التالية نتحدث عن الاستغفار والتوبة ودلالات قبولها..

الاستغفار

قال المحاضر في كلية الدعوة للدراسات الإسلامية عبد الباري خلة إن الاستغفار هو: طلب العبد المغفرة من الله تعالى، وله ثمرات كثيرة لعل من أهمها ما ذكره الله على لسان نبي الله نوح لقومه؛ فقد قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا".

وأضاف خلة لـ"فلسطين" أن الاستغفار سببٌ للرزق والغيث والغنى والولد، وكما قال الشعبي: "خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأُمْطِروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يُستنزَلُ بها المطر"، كما أن الاستغفار سببٌ لتكفير الذّنوب، إذ قال الله تعالى: "وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا".

وتابع: "وهو سببٌ من أسباب النّجاة من عذاب الله، فقد قال الله تعالى لنبيّه محمد: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، وهو أيضا و سببٌ في تفرِيج الكروب فعن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كلّ هم فرجاً، ومن كلّ ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب).

وأوضح خلة أن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ رواه الترمذي بسند حسن، وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.

وبيّن أن "الله يحب من يتوب إليه ويستغفره، لأن التوبة من صفات المتّقِين الذين يعرفون قدر الله ويتصلون به، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ)".

التوبة النصوح

وأكد خلة أن التوبة والاستغفار واجبان، فلا بد للمسلم أن يتوب، وأن يستغفر، كما قال الله تعالى: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وقال أيضا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً".

وللتوبة أربعة شروط ، بحسب خلة، هي الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب، وإذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدمي، فلا بد من إعادة الحقوق لأصحابها إن كان المُذنب يعرفهم، وأما إذا لم يكن يعرفهم فليتصدق بالمال عنهم.

وأشار إلى أن على العاصي أن يكثر من الأعمال الصالحة فإن الحسنات تمحو السيئات بإذن الله تعالى، إذ قال عزّ وجلّ: "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ".

كيف أعرف أن الله غفر لي؟.. سؤال يشغل بال الكثيرين، وعنه أجاب خلة: "علم الغيب لله، لا يطلع عليه غيره، إلا من اصطفى، فقد قال عزّ وجل: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)، فلا يُمكن لأحد أن يعلم ما الله فاعل به، أو يتأكد أنه تعالى غفر له ذنبه، غير أن هناك علامات تدل على قَبول التوبة".

وذكر أن من علامات قبول التوبة: المواظبة على طاعة الله، والإكثار من النوافل والابتعاد عن اتهام التائب لنفسه بالتقصير والندم على ما بدر منه، واعتصار القلب ألما وحرقة على ما اقترف من الذنوب والمعاصي، وابتعاد العبد المُستغفر عن الذنب الذي ألم به، وتُعدّ التوبة نعمة وتوفيقا من الله فيستمر التائب عليها ويموت عليها.