"كانت ليلة شديدة السواد على غير عادة زهرة المدائن، رقصات المستوطنين وأفراحهم علت في كل الأزقة.. ونحن لا حول لنا ولا قوة"، بهذه الكلمات وصف المقدسي "زهر الدين عبد العال" تفاصيل الساعات التي أعقبت إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.
في تلك اللحظة، راح عبد العال (61 عاما) يندب الأمة العربية والإسلامية، وهو ينظر إلى أفراح الاحتلال على شاشة التلفاز، وقال لـ"فلسطين": "صراحةً، لم أستطع متابعة أجواء الاحتفالات التي استمرت في كل مناحي القدس حتى ساعات الفجر، هي نكسة جديدة لنا، لم نستطع أن نفعل شيئا أمامها إلا التضرع إلى الله أن يحمي القدس والأقصى".
وأضاف عبد العال: "علقنا آمالنا على أن يتراجع ترامب عن مخططاته، ولكن كان واضحا أنه عازمٌ على إعلان القدس عاصمة للكيان منذ اللحظات الأولى لخطابه (..) وهو لم يدرِ ماذا فعل، ولكن بإذن لله ستكون فاتحة خير علينا وعلى شعبنا الذي ما يزال يقارع ويقاوم الاحتلال بكل الوسائل المتاحة".
ولم تتوقف حالة الحزن الممزوجة بالغيظ والقهر التي عاشها عبد العال عند تلك اللحظات، بل راح شريط الذكريات يعرض أمامه بعض التفاصيل القليلة التي ما تزال عالقة في ذاكرته الستينية من حرب 1976 الذي نتج عنها احتلال "إسرائيل" لما تبقى من مدينة القدس.
كابوس!
"أبو محمود عبيدات" لم يتمالك نفسه وهو يتابع خطاب الرئيس الأمريكي، حتى ذرفت عيناه الكثير من الدموع، متمنيا في قرارة نفسه أن يكون ما سمعه مجرد كابوس سيرحل مع شروق الشمس على القبة الذهبية للأقصى.
وعن رد فعل الشارع الفلسطيني، قال لـ"فلسطين": "لا أحد يستطيع أن يتنبأ بالقادم، ولكن المؤكد أن الفلسطيني، والمقدسي تحديدا، لن يصمت أمام غطرسة الاحتلال فسيقاوم ويخترع أساليب جديدة في التحدي ومقارعة العدو، تماما مثلما فعل في هبته ضد تركيب البوابات والكاميرات الإلكترونية".
وأضاف: "نحن هنا في القدس وضواحيها بحاجة إلى إسناد حقيقي في معركتنا المتصاعدة مع الاحتلال، لا نريد مالًا بقدر حاجتنا إلى مواقف إسلامية وعربية صادقة، لا خيانات وطعنات في ظهورنا، مع العلم أن مسلمي القدس ومسيحييها متحدون في الدفاع عن كل شبر في مدينتهم المقدسة".
ودعا عبيدات إلى توحد جميع الفصائل الفلسطينية خلف قضية القدس، "فدونها نحن لا شيء، وإن ضاعت فلا كرامة للعرب والمسلمين بعد اليوم، لذلك علينا نبذ الخلافات ودعم المواطن المقدسي الذي يواجه بنفسه كل سياسات الاحتلال التهويدية الاستيطانية"، على حد قوله.
حراكٌ شامل
أما الدكتور جمال عمرو، فقال لـ"فلسطين": "كل المقدسيين، صغيرهم قبل كبيرهم، لن ينسوا تفاصيل تلك الليلة، التي أطفأت فيها القدس أنوارها حزنا على تخاذل العرب والمسلمين عن نصرتها وهم يسمعون بملء آذانهم زعيم أكبر دولة يمنح شيئا لا يملكه لكيان غاصب".
وأعرب عن خشيته الحقيقية من أن يكون إعلان ترامب مقدمة لتصفية القضية، وطرد الفلسطينيين والسكان الأصليين من المسلمين والمسحيين من القدس، ما لم يحدث حراك فلسطيني عربي إسلامي يدعم القدس ويعرقل جميع مخططات الاحتلال المدعوم أمريكيًا.
وأوضح عمرو: "طالبنا وما زلنا بعدم الاعتماد على أمريكا ودول عربية في كبح تغول الاحتلال واستشراسه ضد المقدسيين العزل".