يواجه أهالي تجمع "جبل البابا" في بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة، مخططا إسرائيليا جديدا لتهجيرهم بغرض مصادرة أراضيهم لصالح التوسع الاستيطاني في المدينة، تمهيدا لشطرها عن الضفة المحتلة.
وأمهلت سلطات الاحتلال، الأهالي البدو في جبل البابا، الوقعة في المنطقة (E1 ) للرحيل حتى الخميس الماضي، وبانتهاء المهلة يدخل الترحيل حيز التنفيذ.
وقال غسان الجهالين من سكان التجمع البدوي: "الإجراءات الإسرائيلية بحقنا وصلت ذروتها، فنحن نعاني منذ زمن طويل، لكن القرار الأخير هو القاضي بطردنا من أجل توسع المستوطنات القريبة منا لصالح (مشروع القدس الكبرى لعام 2020)".
وأضاف الجهالين: "حياتنا في هذه المنطقة مجبولة بالخوف والتهديد والتهجير، وأصبحنا بين فكي كماشة بين جدار الفصل العنصري وحدود المستوطنات القريبة مثل: معالي أدوميم التي تحاول خنقنا وقتلنا باسم القوانين الجديدة".
وأكد أن قرابة 400 فلسطيني من عرب الجهالين سيصبحون في نكبة ثانية، بعدما عاشوا النكبة الأولى عام 1948م والتي هجروا من أراضيهم قسرا في النقب المحتلة.
ويوافقه الرأي الخبير المقدسي د. جمال عمرو، بأن "جبل البابا" يعيش "قصة نكبة جديدة، فالاحتلال يحاول تهجير أهالي المنطقة البدو، ويستخدم معهم كافة وسائل القتل البطيء والابتزاز والحصار الاقتصادي ولا سيما في ظل الوضع الاقليمي والدولي".
وقال عمرو: "منطقة جبل البابا تقف عائقا أمام توسع المستوطنات المجاورة منها، ووجودهم في المنطقة يسبب لسلطات الاحتلال حاجزا بشريا أمام التوسع الإسرائيلي".
واشار عمرو إلى أن الاحتلال يمارس الهدم المستمر في المنطقة ويدمر مشاريع بتمويل من الاتحاد الاوروبي في خطوة من العنجهية الاسرائيلية.
وحذر من خطورة الأوضاع في "جبل البابا"، واصفا إياها "جريمة حرب مركبة بكل المقاييس"، هدفها تقسيم القدس وإفراغها من أهلها الأصليين بعد عزلها عن أراضي الضفة المحتلة.
وبحسب مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان "بتسليم" فإن سلطات الاحتلال انتهجت آلية جديدة لتهجير الفلسطينيين.
وذكرت أن الآلية الجديدة: "تقوم دولة الاحتلال بترحيل تجمعات بالكامل من خلال ما يسمى بالإجراءات الوهمية التي يطلق عليها الاجراءات القانونية وهي في حقيقة الحال وهمية، وتعتمد باعتماد قانون مؤقت وهو يتعلق بالمباني غير المرخصة والتي تعطي صلاحية للقائد العسكري بإعلان المنطقة المتاخمة للمستوطنات مناطق لا يحق البقاء فيها ويتم الترحيل بشكل سريع".
معاناة إنسانية
وفي السياق، أكد رئيس الوزراء رامي الحمد الله، الوقوف إلى جانب المواطنين في جبل البابا وغيرهم في التجمعات التي تسعى (إسرائيل) إلى تهجيرهم.
وقال الحمد الله، في كلمته التضامنية مع المواطنين في جبل البابا، إننا نقف مع شعبنا في جبل البابا، وغيرهم في المجتمعات الفلسطينية الأخرى في الضفة الغربية من الذين تسعى (إسرائيل) إلى تهجيرهم من أجل بناء المستوطنات غير القانونية.
وأضاف: "إذا ما شرعت السلطات الإسرائيلية في عملية الهدم هذه، أو قامت بتشريد مجتمعات فلسطينية بأكملها في مناطق "ج" من الضفة الغربية، سنعتبر ذلك خطا أحمرا".
ورأى أن خطة (إسرائيل) الرامية إلى ترحيل ما لا يقل عن 46 تجمعا بدويا فلسطينيا تقع بين القدس وأريحا في مناطق "ج" في الضفة الغربية "تخلق معاناة إنسانية لا مثيل لها كما أنها تنتج آثارا هامة لا رجعة فيها".
وأكد أن الخطة الإسرائيلية الأكبر للتوسع الاستيطاني والمسماة "بخطة E1" تقوم على التهجير القسري للمجتمعات الفلسطينية الواقعة في هذه المنطقة ويعتبر ذلك كخطوة أولى فقط لتنفيذ هذه الخطة التي لا تقتصر فقط على فصل شرقي القدس عن الضفة الغربية فحسب، بل ستكمل أيضا امتداد المستوطنات غير الشرعية حتى البحر الميت، مما يؤدي إلى قطع الضفة إلى قسمين بالنسبة للفلسطينيين.
وطالب (إسرائيل) بالتراجع عن مخططات التهجير القسري لعدة تجمعات فلسطينية في الضفة الغربية، بما في ذلك جبل البابا، وكذلك التراجع عن أوامر الهدم الصادرة ضد التجمعات الفلسطينية في مناطق "ج" في الضفة الغربية وعدم إعاقة تقديم المساعدات الممنوحة لهذه المناطق.
وحث الحمد الله، المجتمع الدولي على فرض ضغوط حقيقية وهامة على (إسرائيل) للامتثال للقانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بمشروعها الاستيطاني وهدمها ونقلها للمجتمعات الفلسطينية قسرا، والاعتراف بدولة فلسطين، وبالتالي تعزيز فرص مفاوضات التسوية، وتحقيق التطلعات المشروعة والحق غير القابل للتصرف في تقرير المصير والذي حرم منه الفلسطينيون.
وقفة فلسطينية
بدوره، أدان النائب عن كتلة التغيير والاصلاح البرلمانية د.عبد الرحمن الجمل، مخطط الاحتلال بتهجير أهالي "جبل البابا"، معتبراً توزيع الاحتلال لأوامر بإخلاء التجمع البدوي جريمة تستوجب ملاحقة الاحتلال ومحاكمته في محكمة الجنايات الدولية.
وقال الجمل، في تصريح صحفي، أمس، "قيام الاحتلال بتوزيع اخطارات هدم لأهلنا في جبل البابا جريمة جديدة تضاف لسجل الاحتلال الأسود باعتداءاته على شعبنا الفلسطيني وهدم منازل المواطنين".
ودعا الجمل كل أبناء شعبنا للوقوف أمام هذه المؤامرة التي ينتهجها الاحتلال بحق المدينة المقدسة، كما دعا السلطة الفلسطينية لضرورة مواجهة الاحتلال وملاحقته في المحافل الدولية.
وطالب الفصائل الوطنية والاسلامية بضرورة الوحدة الوطنية لمواجهة الجرائم والمخططات الإسرائيلية بحق شعبنا ومقدساته.