فلسطين أون لاين

الاحتلال حولهم لـ"مقاتل غير شرعي"

قلق يسود عائلات أسرى من غزة انتهت محكومياتهم دون الإفراج عنهم

...
ظروف قاسية يعيشها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال
غزة/ محمد عيد

يسيطر القلق على عائلة الأسير فادي هشام أبو السبح (43 عاما) بعد انتهاء محكوميته بالسجن خمسة سنوات في مايو/ أيار 2024 ولا يزال معتقلا حتى اللحظة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وبالنسبة للعائلة في مخيم النصيرات (وسط) شكلت تلك المحكومية "كابوسا" رافقها طوال الأعوام الماضية على أمل الإفراج عنه بعد انقضاء محكوميته، لتنصدم بفترة الاعتقال الجديدة وسط انقطاع تام عن أخبار الأسرى ومحاميهم.

وأبو السبح أب لأربعة أطفال (هشام 17، سوار 16، سجى 13، محمد 9)، هو واحد من أصل 32 أسيرا من غزة أنهوا محكومياتهم المتفاوتة وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنهم حتى اللحظة، بحسب مكتب إعلام الأسرى.

ولا يخبو الأمل من قلب الأم (أم فادي) بالإفراج عن ابنها في أية لحظة أو عبر دفعات الأسرى التي تفرج عنهم قوات الاحتلال بين الحين والآخر.

تتخيل الوالدة المسنة التي فقدت زوجها شهيدا بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، نجلها البكر بين أحضانها أو داخل المنزل وبين أطفاله، تخاطب أبناءها وأحفادها: "تخيلوا نلاقي (فادي) جوا الدار فجأة!".

ومنذ بداية الإبادة الجماعية، انقطعت أخبار الأسير كحال آلاف الأسرى عن عائلاتهم، لكن أسيرا محررا خرج أخيرا عبر صفقة التبادل "طوفان الأحرار"، وأخبر العائلة أن "فادي" بخير ويقبع حاليا داخل سجن "نفحة".

وطوال العامين 2024-2025 حاول "أكرم" الشقيق الأصغر للأسير التواصل مع أحد المحاميين لمتابعة القضية، إلا أن الحجب والقيود الإسرائيلية على اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمحامين يشكل عائقا أمام متابعة قضية الأسرى وملفاتهم القانونية.

وهذا ما دفع "إعلام الأسرى" للتحذير من استمرار الاحتلال في احتجاز أسرى غزة، رغم انتهاء محكومياتهم القانونية، ما يشكل جريمة حرب تخالف القوانين الدولية والإنسانية.

وذكر أن بعض هؤلاء الأسرى انتهت محكومياتهم منذ عدة أشهر، بل وحتى سنوات دون الإفراج عنهم أو عرضهم على أي جهة قضائية، كحال الأسير إبراهيم عدنان قديح من بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس.

وبحسب "محمد" شقيق الأسير فإن الأخير اعتقلته قوات الاحتلال في 30 أغسطس/ آب 2018 وحكمت عليه بالسجن لمدة 6 سنوات والتي انتهت بالفعل في ذات اليوم من عام 2024.

وكحال غيرها من الأسرى الذين انتهت محكومياتهم، يسود القلق تلك العائلة التي تترقب أخبار نجلها وتعيش حاليا في الخيام بعد فقدان منازل العائلة.

وإبراهيم متزوج ولديه طفل (آسر) غاب عنه قسرا وهو رضيعا وحاليا يبلغ عمره (7 أعوام)، ويترقب بشوق رؤية والده الذي فقده خلال السنوات الماضية.

ويقول محمد: "العائلة تترقب بشوق رؤية إبراهيم حرا الأيام القريبة".

تطالب عائلتي الأسيرين أبو السبح وقديح اللجنة الدولية والهيئات والمؤسسات الحقوقية بإنقاذ هؤلاء الأسرى والإفراج عنهم.

وفي إفادة لـ "فلسطين أون لاين" ذكر الأسير المحرر نعيم مصران أن إدارة سجون الاحتلال وضعت هؤلاء الأسرى (32 أسيرا) ضمن ملف واحد للتعامل مع أسرى غزة كـ "مقاتل غير شرعي" على غرار الاعتقال الإداري لأسرى الضفة والقدس المحتلتين، وبناء على ذلك يتم احتجاز الأسير لأمد غير محدود تحت ذرائع أمنية.

و"المقاتل غير الشرعي" بموجبه يعتبر كل شخص يعمل ضد (إسرائيل) سواء بشكل مباشر أو غير مباشر محارب غير شرعي، ويخول هذا القانون المحاكم المدنية صلاحيات واسعة النطاق في اعتقال واتهام الأشخاص المشتبه بهم وتوقيفهم لمدة غير محددة دون أن تكون هناك لائحة اتهام أو أدلة وبيانات تقدم للمحكمة ودون أن يعلم المعتقل أو موكله بسبب الاعتقال.

وأشار مصران إلى أن الاحتلال يطبق هذا القانون على أسرى غزة منذ عام 2005، ويتم تجريدهم بمقتضى القانون من حقوق المراجعة القضائية والإجراءات القانونية والمثول أمام محاكمة عادلة.

وفي أعقاب الإبادة الجماعية، أصدرت سلطات الاحتلال قرارا ينص على اعتبار جميع المعتقلين من غزة "مقاتلين غير شرعيين" ووفقا لذلك جرى اعتقال آلاف الغزيين معظمهم مدنيون بينهم مسنون ونساء وقُصّر، احتجزوا في منشآت عسكرية إسرائيلية ويواجهون فيها شتى صنوف التعذيب والتنكيل والإهانة.

وفي حال لم تنجح تلك المؤسسات بوقف جرائم الاحتلال، يقول "إعلام الأسرى" فإن أسرى آخرين سينضمون إلى القائمة مع بداية العام الجديد.

واعتبر هذا السلوك عقابا جماعيا ممنهجا ضد الأسرى الذين يحرمهم من حريتهم بعد انتهاء أحكامهم، ويمنع عائلاتهم من الزيارة أو حتى الحصول على معلومات حول أوضاعهم الصحية.

وشدد على أن المادة (132) من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على إطلاق سراح المعتقلين فور انتهاء فترة محكوميتهم، داعيا المنظمات الحقوقية الدولية إلى توثيق هذه الحالات والضغط للإفراج الفوري عنهم، وطالب الهيئات القضائية الدولية بفتح ملفات قانونية عاجلة حول استمرار احتجازهم التعسفي.

المصدر / فلسطين أون لاين