كان مشوارٌ قصير إلى السوق برفقة ابنة عمّها آخر عهد الطفلة راما حجازي (11 عامًا) بساقيها، لتبدأ بعدها رحلة قاسية من العلاج والتنقّل بين المستشفيات، وتغيب عن أماكن اللهو مع أقرانها، وتصبح أسيرة كرسيٍّ متحرّك تحتاج لمن يساعدها على دفعه.
في الثامن من سبتمبر/أيلول من العام الجاري، تغيّرت حياة راما إلى الأبد؛ فبعد نزوحها مع أسرتها من شمال قطاع غزة إلى حيّ النصر بمدينة غزة، وفي أثناء توجّهها للتسوّق برفقة ابنة عمّها مرح (14 عامًا)، أدى قصف إسرائيلي مفاجئ إلى استشهاد مرح وإصابة راما إصابة بالغة.
يقول والدها رباح حجازي: "فقدت راما ساقيها على الفور، ونُقلت إلى المستشفى حيث حاول الأطباء الحفاظ على ما تبقّى منهما".
ويستدرك قائلًا: "لكنهم اضطُرّوا أخيرًا لإجراء عملية جراحية في القدم اليسرى وبتر جزء آخر منها، إثر معاناتها التهابات شديدة، وقد خرجت راما من المستشفى قبل أسبوع بعد هذه العملية الصعبة".
ولا يفارق راما سؤال واحد: متى ستسافر لتركيب أطراف صناعية والعودة إلى المشي؟
"هي طفلة صغيرة لا تفهم أن المعبر مغلق، وأن التحويلات الطبية بطيئة للغاية. كلّما سافر طفل كان يرافقها في المستشفى، تسألني: لماذا لم أسافر مثله؟!"، يضيف والدها بحسرة.
ويؤكد أن كل تأخير في سفرها ينعكس سلبًا على حالتها النفسية، بعد أن تغيّرت حياتها بالكامل، فلم تعد قادرة على المشي أو اللعب مع صديقاتها، ولا حتى الالتحاق بمقاعد الدراسة في النقاط التعليمية المنتشرة.
ولم تتغيّر حياة راما وحدها، بل حياة أسرتها وأشقائها أيضًا، إذ اضطر والدها إلى استئجار منزل في مدينة دير البلح بتكلفة مرتفعة، لتوفير بيئة ملائمة لحالتها الصحية، بعدما بات من الصعب عليها العيش في الخيام.
ويختم بالقول: "كل ما أتمناه أن يتم تسريع سفر ابنتي للعلاج في الخارج، لإنقاذ ما تبقّى من قدميها، واحتواء ألمها النفسي، والتخفيف من الأعباء المادية الكبيرة التي أواجهها لتأمين حياة كريمة لها".

