بصوتٍ يملؤه الألم والفقد، طالبت ياسمين البرش، زوجة طبيب العظام الفلسطيني الشهيد عدنان البرش، بالإفراج الفوري عن جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسهم جثمان زوجها الذي استشهد تحت التعذيب داخل السجون الإسرائيلية في إبريل/ نيسان 2024.
وتروي البرش أن زوجها، الذي كان يؤدي واجبه الإنساني داخل مستشفى العودة شمالي قطاع غزة خلال الاجتياح الإسرائيلي، اعتُقل من مكان عمله ونُقل إلى السجون، وقد تعرّض لتعذيب شديد أدى إلى استشهاده بتاريخ 19 إبريل/نيسان 2024، في حين لم تُبلَّغ العائلة رسميًا باستشهاده إلا في 24 من الشهر ذاته.
وكان الدكتور عدنان البرش (53 عامًا)، رئيس قسم جراحة العظام في مجمع الشفاء الطبي، واحدًا من أبرز أطباء القطاع، وقد أفنى حياته في خدمة جرحى غزة وأهلها.
احتجاز الجثامين
وتؤكد البرش لـ "فلسطين أون لاين" أن الاحتلال يواصل تعنّته في رفض تسليم جثامين الشهداء، معتبرةً أن احتجاز الجثامين ودفنها في "مقابر الأرقام" يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وتشير إلى أن الاحتلال استعاد جنوده وجثامين قتلاه من قطاع غزة، في حين لا يزال يحتجز أسرى فلسطينيين وجثامين شهداء أُعدموا خلال الحرب.
وطالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والتحقيق في أوضاع الأسرى داخل السجون، داعيةً المنظمة إلى اتخاذ موقف واضح بدلًا من "سياسة الكيل بمكيالين" تجاه معاناة الأسرى الفلسطينيين.
وتقول البرش بحسرة: "من حقنا استعادة جثمان الطبيب عدنان، ودفنه كما يليق به، وقراءة الفاتحة على قبره، وتكريم روحه التي أفنت حياتها في خدمة شعبها".
ازدواجية المعايير
وخاطبت البرش أحرار العالم والمؤسسات الدولية والإنسانية بضرورة كسر صمتهم تجاه ما يتعرض له الأسرى والشهداء الفلسطينيون، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين.
كما ناشدت الهيئات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، العمل على كشف ظروف استشهاد من قضوا داخل السجون، مؤكدة أن الاحتلال "يخفي الحقائق ويمارس جرائم يعاقب عليها القانون الدولي".
وأطلقت عائلة الشهيد الطبيب عدنان البرش مؤخرًا حملة على المستويين المحلي والدولي للمطالبة باستعادة جثمانه المحتجز لدى الاحتلال منذ استشهاده تحت التعذيب.
وبحسب مؤسسات الأسرى الفلسطينية، فإن الاحتلال يحتجز مئات المعتقلين دون الكشف عن مصيرهم، ويُعتقد أن عددًا كبيرًا منهم قد استشهدوا تحت التعذيب أو نتيجة الإهمال الطبي.
وتشير شهادات إلى تعرّض الأسرى لأشكال متعددة من التعذيب المحظورة دوليًا، وصل بعضها إلى الاغتصاب.
ووفق تقارير "هيئة شؤون الأسرى" و"نادي الأسير"، ارتفع عدد الشهداء داخل السجون منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة إلى 100 شهيد، جرى توثيق 84 منهم، بينهم 50 من سكان قطاع غزة، ليرتفع إجمالي شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 إلى 321 شهيدًا.
وتؤكد المؤسسات الحقوقية أن ما يجري داخل السجون الإسرائيلية يمثل جزءًا من "حرب إبادة ممنهجة" تستهدف الأسرى عبر الإعدام البطيء، في ظل مساعٍ لإضفاء الشرعية القانونية على سياسة الإعدام الميداني.

