قال مصدر مصري مطّلع إن البيان المشترك الذي أصدرته ثماني دول عربية وإسلامية حول ضرورة الالتزام بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة جاء نتيجة تحرك منسق بين القاهرة والدوحة خلال الساعات الماضية، عقب وصول وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى قطر، وإجراء مشاورات مكثفة بين الجانبين لحماية مسار شرم الشيخ.
وبحسب المصدر، فإن مصر وقطر، بصفتهما الوسيطين الرئيسيين في اتفاق غزة، استشعرتا خلال الأيام الأخيرة "خطر الانهيار الفعلي" للخطة التي أعلن إطارها السياسي في قمة شرم الشيخ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب ما وصفه بـ"التعنت الإسرائيلي الواضح" في تنفيذ البنود ومحاولات التلاعب بالمرحلة الثانية، ولا سيما في ما يتعلق بفتح معبر رفح باتجاه واحد، وتأجيل الانسحاب الكامل من القطاع.
وأضاف أن التحرك المشترك جاء خشية استغلال الفترة التي تسبق اللقاء المرتقب بين ترامب ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أواخر الشهر الجاري لإعادة صياغة بعض بنود الخطة أو فرض تفسيرات جديدة عليها، وهو ما اعتبرته القاهرة والدوحة تهديداً مباشراً لأسس التفاهمات التي أرستها قمة شرم الشيخ.
وأوضح المصدر أن البيان صدر "استباقاً لهذا اللقاء" بهدف قطع الطريق على أي تفاهمات أميركية إسرائيلية جديدة قد تعيد تشكيل المرحلة الثانية بطريقة تخالف ما تم الاتفاق عليه، لافتاً إلى أن الدول الثماني الموقعة، وهي: مصر والأردن وقطر والسعودية والإمارات وتركيا وإندونيسيا وباكستان، تعد نفسها جزءاً أصيلاً من صياغة الخطة ولا تقبل تجاوز دورها.
وأشار المصدر إلى أن القاهرة والدوحة رصدتا خلال الأسابيع الماضية "محاولات إسرائيلية لفرض وقائع جديدة" في معبر رفح، بينها طرح تشغيله باتجاه واحد، إلى جانب تسريبات تشير إلى نية تل أبيب تأجيل الانسحاب من أجزاء في غزة، وهي إجراءات قال إنها "تتناقض مع الخطة الأميركية وقرار مجلس الأمن 2803".
وأكد أن البيان جاء لتثبيت المرجعية القانونية والسياسية للخطة، والتشديد على أن المرحلة الثانية يجب تنفيذها كما وردت دون تعديل، مضيفاً أن الدول الثماني أرادت توجيه رسالة واضحة للإدارة الأميركية بأن أي تغيير في بنية الخطة سيُعد تراجعاً عن التوافق الدولي والإقليمي الذي تأسست عليه قمة شرم الشيخ.
وختم المصدر بالقول إن القاهرة والدوحة ستكثفان جهودهما خلال الأيام المقبلة للحفاظ على مسار شرم الشيخ، في ظل "قلق متزايد من أن تؤدي الضغوط الداخلية على نتنياهو ورغبة حكومته اليمينية في تأجيل الالتزامات إلى إجهاض المرحلة الثانية بالكامل ما لم يُمارس ضغط أميركي واضح في هذا التوقيت".
ويكتسب توقيت بيان دول الثمان أهميته من تزامنه مع تسريبات وتقارير في واشنطن تتحدث عن صيغة أميركية جديدة لإطلاق المرحلة الثانية، تتضمن إعلان "هيكل الحكم الجديد في غزة" وترتيبات "قوة الاستقرار الدولية"، وهو ما أثار مخاوف لدى العواصم الإقليمية حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية بصدد إدخال تعديلات على البنود التي جرى الاتفاق عليها سابقاً.
وفي الوقت نفسه، كانت "إسرائيل" تكثف تصريحاتها بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد يسمح بخروج سكان غزة نحو الأراضي المصرية، وهو طرح يتعارض جذرياً مع ما نصّ عليه مسار شرم الشيخ ويهدد بتحويل المسار الإنساني إلى أداة سياسية لتغيير الواقع الديمغرافي في القطاع.
ويرى مراقبون أن، البيان بدا كأنه محاولة لتجميد أي مسار أحادي أو التفاف على الاتفاق، وتذكير واضح بأن تنفيذ المرحلة الثانية ليس قراراً أميركياً منفرداً، بل التزام متعدد الأطراف تشارك فيه دول رئيسية في المنطقة.

