فلسطين أون لاين

​في القتل الخطأ الصيام كفارةٌ مقدورٌ عليها

...
غزة - نسمة حمتو

من طبيعة الإنسان الوقوع في الخطأ، في ميادين الحياة المختلفة، إن كان في حق نفسه، أو في حق غيره، وقد يصل الخطأ غير المقصود إلى حد قتل نفس، فكيف يتعامل الإسلام مع القتل الخطأ؟

العفو والقصاص

الشيخ الداعية مصطفى أبو توهة قال لـ"فلسطين": "هذه الطبيعة مُرادة من الخالق (سبحانه وتعالى) ليكون العبد عبدًا، وليكون الرب ربًّا، والقتل الصادر عن الإنسان قد يكون مع سبق الإصرار والتعمد، وقد يكون غير متعمد، والقتل العمد هو من النوع الأول، ولا شك أنه جريمة وجناية على النوع الإنساني كله".

واستشهد بقوله (تعالى): "من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا".

وأضاف: "والعقوبة هنا في الدنيا وفي الآخرة، أما في الدنيا فهي القصاص، وهي واحدة من ثلاث: إما القصاص، أو العفو مع الدية، أو العفو مجانا، وفي الآخرة عذاب أليم"، مستشهدًا بقوله (تعالى) من سورة النساء: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا}".

أما القتل الذي ليس من ورائه قصد ولا نية فبين أبو توهة أنه نوع يقع فيه الصالحون ومن دونهم، وبرهان ذلك نبي الله موسى (عليه السلام) حينما وكز قبطيًّا فقضى عليه فقتله، قال: "هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين"، وأمام هذا الخطأ استغفر ربه فقال: "ربي اغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم".

وقال: "ومن هذا القبيل قد يقع الواحد منا في أمثال تلك الأخطاء، وربما يكون الفاعل الأب أو الأم، الأمر الذي يترتب عليه هلاك من قدر الله له أن ينتهي أجله بالقتل لا الموت، والفرق بينهما واضح".

على مستوياتٍ ثلاث

وتابع: "لعل بعض الناس أمام هذا الخطأ الذي أدى إلى إزهاق أنفس بريئة يقف موقفًا حرجًا على المستوى النفسي، وعلى المستوى العقلي، فضلًا عن المادي، أما النفسي فهو أشبه بما يُسمى الصدمة النفسية، وهي مشكلة خطيرة، أما المستوى العقلي فإنها حالة من حالات الذهول لا تقل خطورة عن سابقتها".

وأضاف: "وأما المادي فهي الدية التي تكلف بعض الناس جمع مال كثير من القريب والبعيد، لكننا في النهاية نقول ما قاله الله (تعالى): "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، فالله (تعالى) أرحم بهذا الإنسان الذي جاء خطؤه عفوًا من أن يجمع عليه قتل نفس بريئة وتصفية إنسان بريء من عناصر وجوده وبقائه نفسيًّا وعقليًّا، لكنها كفارة مقدور عليها من قبيل صيام شهرين متتابعين، ومعها تعويض مالي يتداعى إليها جماهير المحسنين والمتصدقين".

وتابع أبو توهة: "هذا في حق الآخرين، أما في حق قرابة الدم واللحم كالابن _على سبيل المثال_ فيكفي حق الله (تعالى) تأديبًا وتهذيبًا، وهو الصيام شهرين متتابعين، ولكننا نقول في النهاية إن كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون".