فلسطين أون لاين

"تعظيم اسم الله" مبادرةٌ للتوعية بعدم الإساءة للفظ الجلالة

...
غزة - مريم الشوبكي

موقفٌ مرّ به قبل 23 عامًا غير حياته وتفكيره، إذ ركب سيارة، فوجد أن صاحبها وضع أوراق صحيفة في أسفلها لتكون تحت أحذية الركاب للحفاظ على نظافتها، فلاحظ أن تلك الأوراق تحتوي على لفظ الجلالة (الله) وعلى آيات قرآنية، ما جعله يأخذ على عاتقه توعية الناس أن الإسلام نهى عن هذا الفعل، ومنذ ذلك الحين يسعى جاهدًا لأجل هدفه.

"رأفت جبر" تحرك في عدّة اتجاهات لتحقيق هدفه، وكان من ذلك أنه وضع صندوقًا في مبادرة شخصية منه، عند باب مسجد الكنز، يطلب فيه من الناس وضع أي أوراق تحتوي على لفظ الجلالة أو آيات قرآنية، أو مصاحف وكتب دينية، بدلًا من رميها في حاويات القمامة، تقديسًا لاسم الله، ثم يتخلص هو منها بحرقها.

تعظيم كلمة الله

"جبر" هو إنسان بسيط يعمل بائع خضار، غيرته على الإسلام جعلته يسير في كل طريق قد يساهم في الحيلولة دون إلقاء تلك الأوراق في القمامة، ويساعده على تحقيق مبادرته الشخصية (الحفاظ على كلمة الله وتعظيمها)، ومن ذلك أنه طرق باب صحيفة "فلسطين" علّه يوصل صوته إلى جمهور أكبر، ويتمكن من التأثير في الجهات المختصة.

يقول جبر (48 عامًا): "في بداية الأمر كنت أسعى إلى توعية الناس عدم استخدام الجرائد لسوى القراءة، وعدم رميّها في القمامة، ولكن الطامة الكبرى التي اكتشفتها أخيرًا هي إلقاء المصاحف أيضًا في القمامة، فقد رأيت بأم عيني في حاويات القمامة مصاحف، وكتبا دينية لعلماء مسلمين، وكتب التربية الإسلامية للمدارس".

ويضيف: "منذ عام ونصف تقريبًا أخذت على عاتقي التحدث إلى أئمة المساجد لأحثّهم على توعية الناس في الخُطب والمواعظ أن الإسلام نهى عن رمي أي كتاب أو قصاصة عليهما اسم الله، وعدم وضعهما مع النجاسات، ولتفعيل هذا الأمر أيضًا توجهت إلى الدوائر الحكومية: وزارة التربية والتعليم، والأوقاف، حتى البلدية، لعلّهم يجدون حلًّا لهذا الأمر، كتخصيص حاويات لجمع تلك الكتب والقصاصات".

ويتابع: "ولكن _يا للأسف!_ بعض هذه المؤسسات كانت تلقي المسئولية على بعضها الآخر، ولم تُوجد أي منها حلًّا، لذا أصبحت أتردد إلى المساجد لأجمع هذه الكتب والأوراق وأتخلص منها بحرقها".

بطرق مختلفة

ولم يألُ جبر جهدًا في مواصلة مناشداته، وإضافة إلى ذلك وضع صندوقًا عند باب مسجد "الكنز" ليضع فيه الناس ما يرغبون بالتخلص منه مما قد يحمل في ثناياه اسم الله، كالجرائد والكتب، فضلًا عن طباعة منشورات توعوية يعلّقها على أعمدة الإنارة، معززًا إياها بنصوص وآيات قرآنية تحرّم ذلك، بعد أخذ موافقة من المفتي.

وطالب وزارة التربية والتعليم بوضع نظام لجمع الكتب المدرسية الدينية وغيرها في حاويات مخصصة، للتخلص منها بعيدًا عن القمامة.

ويتردد بين الحين والآخر إلى مكبّات النفايات ليجمع منها المصاحف والكتب الدينية وكل ما يمكن أن يضم لفظ الجلالة، ويحرقها، بعد أن يلتقط لها صورًا ليوثّق ما يجري.

ولم يتوقف "جبر" عند هذا الأمر، بل بحث أيضًا عن سبل حل أخرى لتقديمها للمسئولين، فتواصل مع صاحب مصنع كرتون وعرض عليه فكرة جمع الأوراق وإعادة تدويرها واستخدامها في تصنيع الكرتون، واستعد صاحب المصنع لتبني الفكرة، ولكن بشرط أن تخصص الجهات المسؤولة حاويات خاصة بجمع الأوراق والكتب، وهذا ما لم يحدث.

ودعا المواطنين إلى الحذر في التعامل مع كل ما يحتوي على لفظ الجلالة، ومن ذلك عدم إلقاء هذه الأشياء في القمامة، وعدم استخدام أوراق الصحف في التنظيف، وكذلك الانتباه إلى كون بعض المنتجات مصنوعة في مدينة "رام الله"، أي أن لفظ الجلالة موجود عليها، في حين كثير من الناس يتخلصون منها دون إزالة اسم الله عنها.

لكن لم يتسنَّ لـ"فلسطين" معاينة مكبّات النفايات، لأن العاملين هناك يجمعون ما يجدونه من مصاحف أو كتب دينية ويحرقونها.

وقد استجابت وزارة الأوقاف لمساعي جبر، وخصصت خطبة الجمعة الماضية في مساجد القطاع للحديث عن هذا الأمر، وتوعية المواطنين مخالفة رامي هذه الجرائد والكتب لشريعة الإسلامية.

نادر

وللوقوف على هذا الأمر تواصلت "فلسطين" مع بلدية غزة.

ويبين المدير العام للصحة والبيئة في البلدية عبد الرحيم أبو القمبز أن العثور على كتب دينية ومصاحف في مكب النفايات الرئيس بغزة شيء نادر الحدوث، لوعي المواطنين عدم جواز رميها في الحاويات.

ويضيف: "إن البلدية توعي المواطنين عدم التخلص من الأوراق والكتب الدينية برميها في القمامة، بل التخلص منها بالحرق، وإنها تحاول أن توصل هذه الرسالة عبر وسائل الإعلام المختلفة".

ويتابع: "نعمم على عمال النظافة في المكبّ ألا يضعوا هذه الكتب مع النفايات، بل يجمعوها في مكان آخر، ثم يحرقوها".