فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

"استشهادهما ثقب روحي".. "نداء" تعيش رمضانًا حزينًا بدون والديها

...
"استشهادهما ثقب روحي".. "نداء" تعيش رمضانًا حزينًا بدون والديها
غزة/ هدى راغب

في شهر رمضان، وبينما يجتمع الناس حول موائد الإفطار، تجلس نداء بمفردها، لكن قلبها ممتلئ بالذكريات، وتفتقد والديها اللذان كانا صوتها، فتجد الشهر الفضيل هذا العام بدون التفاصيل التي تحبها.

ففي خيمتها الصغيرة المشدودة أوتادها في إحدى مخيمات مدينة دير البلح، تجلس نداء غزال، شابة في الثلاثينيات من عمرها، شاردة الذهن بعدما غيب الاحتلال الإسرائيلي مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم، فلا أضواء معلقة في الشوارع ولا زينة، ولا أصوات للمدفع الرمضاني أو حتى للأطفال وهم يلعبون، ولكنه تركها غارقة في فراغ عميق خلفته حرب الإبادة الجماعية في حياتها، بعدما فقدت والديها، ليصبح الصمت رفيقها الدائم.

تقول نداء لـ "فلسطين أون لاين": "مضت الحرب علي كباقي أهالي قطاع غزة من مشاكل في انقطاع الكهرباء الدائم والماء وعدم توفر المياه الصالحة للشرب، وكفتاة كنت أحاول مساعدة أهلي في توفير المياه من مسافات بعيدة".

وعدا عن هذه المعاناة فقد اضطرت النزوح عدة مرات من بيتها الواقع شرق مدينة غزة، وبعد خمسة أشهر عادت إليه وانقلبت حياتها رأسًا على عقب، حيث قصف الاحتلال المنزل، وبدأت تعيش فصولا مختلفة من المعاناة بين وجع الإصابة وفقد والديها، لقد كان الأب والصديق والسند لها في كل الأوقات، ووالدتها منبع الحنان لها، وقد وصفت فقدهم بأنه الأصعب في هذه الحرب وسيبقى الأصعب لبقية حياتها.

تضيف: "في 13 مايو 2024، كان صاروخ واحد كفيلًا بأن يدمّر كل شيء، استشهد والدي هاشم غزال، فكان الأب الروحي للصم في غزة، وكان هو مصدر قوتي ودعمي، اليوم رغم كل الصعاب، أحمل في داخلي إرثه، وأستمد قوتي من ذكرياته".

وتتابع ودموعها على وجنتيها: "كان سندًا لي طوال حياتي. فقدته، لكن في قلبي تعيش تظل ذكراه وقوته التي أستمد منها شجاعتي، وكذلك استشهدت والدتي، التي كانت مصدر الحنان والإلهام، وكان قلبها دافئًا يفيض بالحب والعطاء. لم تكن مجرد أم، بل كانت رمزًا للدفء في عالم بارد".

نداء مع شقيقتها وعد في خيمة صغيرة، وقد أصيبت بذراعها وتحملت الألم بروح قوية، ولكنها لا تزال تقاوم، وترى نداء أن الجراح الجسدية ليست سوى جزء من المعاناة، أما الجراح النفسية، فهي أكبر بكثير، "ورغم كل شيء، نحن لا نستسلم، ولا نسمح للألم أن يسرق منا أملنا".

وتواصل حديثها: "مع كل لحظة ألم، أذكر كيف كان والدي يعلمني أن القوة لا تعني عدم الشعور بالألم، بل هي أن نواجهه ونكمل طريقنا. اليوم، رغم البرد والظروف الصعبة، نبقى أقوياء لأننا نعلم أن الأمل لا يزال حيًا في قلوبنا".

رمضان بطعم الفقد

مع حلول رمضان، يزداد الحنين في قلب نداء، تتذكر الأوقات التي كانت تقف فيها إلى جانب أمها وهي تعد الطعام، ووالدها الذي كان يحرص على خلق أجواء الشهر الفضيل بطريقته الخاصة وصناعته الخشبية، ويملأ حياتها ببسمته الجميلة.

اليوم، تجلس وحيدةً أمام مائدة بسيطة، تفتقد من كان يملؤها بالحب، فلا أحد يلمس كتفها ليخبرها أن الأذان قد رفع. ومع ذلك، تصر نداء على أن تعيش الأجواء كما كانت، تعد فطورها، ترفع يديها بالدعاء، وتتذكر أن الحب لا يموت، بل يبقى حيًا في القلوب.

وتختم حديثها: "فقد الأم كسرٌ لا يُجبر.. وفقد الأب يحفر ثُقباً في الروح لا يُردم.. افتقدهم بشدة فهم لايغادرون تفكيري في مثل هده الأيام كانت ضحكاتهم تملأ البيت، كان وجودهم يزين سفرة رمضان، كانوا نورا لطريقي وسند لي لا أخاف من شيء في وجودهم اما الان افتقدهم وأحاول البحث عنهم في ذاكرتي".

المصدر / فلسطين أون لاين