في خضم التحديات القاسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني بسبب الحرب، يبرز الدكتور نادر أبو شرخ كواحد من الرواد الذين يعملون على تحسين واقع النازحين، ليس فقط على المستوى المادي، بل على الصعيد النفسي والاجتماعي أيضًا. من خلال سلسلة من اللقاءات التوعوية، يركز أبو شرخ على التنمية البشرية، ساعيًا إلى زرع الأمل وإعادة بناء الذات لدى النازحين، لتمكينهم من مواجهة ضغوط الحياة بروح قوية وإيجابية.
أبو شرخ، مدرب تنمية بشرية معتمد من عدة مراكز وهيئات دولية، قرر توجيه جهوده نحو مساعدة النازحين الفلسطينيين على التكيف مع ظروفهم الصعبة.
تحدي الظروف
وفي حديثه لصحيفة "فلسطين"، أوضح أن دوافع عقد هذه اللقاءات تنبع من الرغبة في تحدي ظروف الحرب اليومية وقسوة الاحتلال، وكسر روتين الحياة الرتيب في الخيام، والذي يؤدي إلى الشعور بالملل والاكتئاب.
وأضاف أبو شرخ أن من بين أهداف هذه اللقاءات مساعدة الشباب على التعافي من آثار الحرب، وتطوير قدراتهم، بالإضافة إلى تشجيعهم على مواصلة التثقيف والتحصيل العلمي، والاستفادة من أوقات الفراغ بشكل مثمر. ويركز في ورش العمل والدورات التدريبية التي ينظمها على تطوير المهارات النفسية التي تساعد الأفراد على تجاوز المحن، والعيش بحياة أكثر استقرارًا وتوازنًا.
وأكد أبو شرخ أن هذه اللقاءات تهدف إلى إحداث تغيير ملموس في حياة المشاركين، من خلال تعزيز الوعي الذاتي وتحسين الصحة النفسية. وقال: "نسعى إلى تحسين نوعية حياة الإنسان الفلسطيني خلال النزوح، وأن يحيا النازحون في مستوى لائق من المعيشة المؤقتة، مع توفير فرص للمعرفة والعلم والثقافة."
استراتيجيات عملية
في منطقة مواصي خان يونس، ينفذ أبو شرخ العديد من اللقاءات الشبابية التي تهدف إلى تعزيز أهمية التنمية البشرية في تحقيق النجاح الشخصي. كما يقدم استراتيجيات عملية للتعامل مع التوتر والقلق المرتبطين بالنزوح واللجوء. وتشمل هذه اللقاءات موضوعات متنوعة مثل إدارة الوقت، وإدارة الاجتماعات، والمهارات القيادية، وأسرار النجاح، وصناعة قادة التغيير.
ويشير أبو شرخ إلى أن هناك إقبالًا كبيرًا من فئة الشباب، وخاصة الجامعيين والخريجين، الذين يسعون إلى تطوير أنفسهم والارتقاء بذواتهم. ويركز بشكل خاص على جيل الشباب، نظرًا لسهولة صقل مهاراتهم وتأثيرهم الإيجابي، باعتبارهم قادة المستقبل وعناصر التغيير في المجتمع.
وعلى الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها النازحون، إلا أن تأثير هذه اللقاءات كان إيجابيًا بشكل ملحوظ. ولا تقتصر الأنشطة التي ينظمها أبو شرخ على المحاضرات النظرية، بل تشمل جلسات تفاعلية تتيح للمشاركين التحدث عن تجاربهم الشخصية والتفاعل مع الآخرين، مما يساهم في تخفيف الشعور بالوحدة والعزلة التي يعاني منها الكثيرون.
ولكن العمل في مثل هذه الظروف لا يخلو من التحديات. يتحدث أبو شرخ عن المخاطر التي تواجههم، مثل خطر القصف والاستهدافات الإسرائيلية، خاصة في التجمعات التي تضم أكثر من 30 شخصًا في خيمة واحدة. بالإضافة إلى ذلك، يواجهون نقصًا في الدعم اللوجستي، مثل الأدوات المكتبية الأساسية كالسبورات والأقلام والدفاتر، فضلًا عن عدم توفر الكهرباء أو الطاقة اللازمة لتشغيل أجهزة العرض مثل اللابتوبات والبروجكتورات.
ورغم هذه التحديات، يواصل أبو شرخ جهوده، ساعيًا إلى الوقوف بجانب أبناء شعبه من جميع الفئات، وتقديم الدعم النفسي والتوجيه والإرشاد اللازمين في هذه الظروف العصيبة. وبذلك، يساهم في زرع الأمل وإعادة بناء الذات لدى النازحين الفلسطينيين، مما يعكس إصراره على إحداث فرق إيجابي في حياتهم.