فتاة نازحة من شمال القطاع لجنوبه تقف في طابور " التكية " كل يوم للحصول لعائلتها على ما تيسّر من طعام ، وفي أحد الأيام رأت عجوزًا وصل لـ" التكية" بعد جهد جهيد بسبب وضعه الصحي فوجد الطعام قد نفد، فارتسمت على وجهه علامات الحزن والأسى، فما كان منها إلا أن ذهبت لخيمة أهلها وقسمت الطعام بين أسرتها وبينه، ما أدخل الفرح على قلبه، الأمر الذي جعلها في غاية السعادة.. قصة أمل واحدة من أربع افلام أنتجها وأخرجها أطفال نازحون.
النزوح سيد الموقف
أما الفيلم الثاني فحمل عنوان " بيتنا" وتدور قصته حول طفلة احتفظت بحجر من ركام بيتها الذي قصفه الاحتلال، لتنظر إليه صباحًا ومساء، لتستذكرمن خلاله حياتها الآمنة الجميلة قبل الحرب في بيت أسرتها، ثم تدخل أصدقائها في مخيم النزوح لخيمتها لتريهم الحجر الذي يرمز لبيتها الجميل المدمر.
فيما تدور فكرة الفيلم الثالث " نزوح" حول قصة أطفال استشهدت أمهم بينما يتلقى والدهم العلاج في الخارج، وكيف يعانون المر خلال النزوح، حيث تتولى شقيقتهم الكبرى التي تبلغ من العمر سبعة عشرة عامًا مسؤولية أشقائها، وما يتطلبه الأمر من مشقة بالغة في توفير متطلبات الحياة في ظل النزوح المتكرر.
وتدور فكرة الفيلم الرابع الذي يحمل اسم " أمل" التي تنزح من بيتها تاركة خلفها كل أغراضها إلا العود كونه هدية عزيزة على قلبها من والدها، وفي ذكرى يوم ميلادها تخرج العود من خيمة تعزف ألحانًا فلسطينية تراثية تثير الشجن والحنين في قلوب النازحين من حولها.
الأافلام الأربعة هي نتاج مبادرة بعنوان السينمائى الصغير وهي مشروع لمؤسسة الإنسان التنموية بدعم من شبكة المنظمات الأهلية استمر لخمسة وعشرين يومًا، تولى خلاله المخرجان الفلسطينيان سعود مهنا ويوسف خطاب تدريب عشرين طفلًا من مخيمات النزوح على كتابة وإخراج أفلام قصيرة تعكس واقعهم.
يقول المخرج سعود مهنا:" ارتأينا أن نقوم بتسجيل الذاكرة للأطفال وما يمرون به من أحداث صعبة بمجهوداتهم هم، بما يساهم في إخراجهم من الأزمة النفسية التي يعيشونها ويساعدهم في التعبير عما يجول بخاطرهم.
ويضيف :" استدعينا قرابة خمسين طفلًا أخضعناهم للتدريب على صناعة الافلام، ثم اخترنا العشرين طفلًا الأكثر تميزًا، وأخضعناهم لتدريب أكثر تطورًا ، مع شرح وافي عن كيفية كتابة السيناريو والتصوير والمونتاج والإخراج باستخدام الهاتف المحمول".
ويتابع:" قسمنا المتدربون لأربعة فرق، كل خمسة يعملون على إنتاج فيلم معًا، ما بين تمثيل وتصوير وإخراج ، حيث أبلوا بلاء حسناً ، ونقلوا تجربتهم في صناعة الأفلام لأصدقائهم في خيام النزوح، ولغيرهم وأصبح لديهم عين ناقدة تلتقط الأفكار من بيئتهم المحيطة".
ويشير إلى أن الأطفال المشاركين معظمهم نازحين من مختلف مناطق القطاع، فترجموا من خلال أعمالهم تجربة النزوح القاسية ومثلت التجربة دعم نفسي لهم وفرصة ليخرجوا من حالة الحزن والفقد لأهاليهم وأقاربهم.
بينما يبيّن المخرج يوسف خطاب أن هذه التجربة لم تكن الأولى مع الاطفال فقد سبقها تجربة في عام ٢٠٠٨ نتج عنها خمس أفلام، " العمل مع الأطفال له شكلين، فهو متعب حيث نبذل جهودًا كبيرة لضمان استيعابهم، لكنه مفرح لأن الأطفال يكونون في غاية السعادة وهم يتعلمون صناعة الأفلام.
ويشير الى أن الأطفال أثبتوا جدارتهم واستهلموا أفكارًا من بيئنهم المحيطة في خيام النزوح، وجسّدوا أدوارا بسيطة لكن عميقة من أفكارهم العفوية التي استخدمها من معاناتهم اليومية في الحصول على الطعام والماء والوقود.