فلسطين أون لاين

عامٌ ونيّف.. والنَّاجي "سكر" يُعاني أهوالَ الفراق

...
الزوايدة/ فاطمة حمدان

سبع عشرة شهادة وفاة هي ما تبقَّى للشَّاب محمود سكر من أسرته، ليبقى حاملًا لقب " الناجي الوحيد" الذي حمله كثيرون من أهل غزة، خلال حرب الإبادة "الإسرائيلية" المستمرة لعامها الثاني على التوالي، ولكن أي نجاة تلك التي جرَّدت سكر من كل عائلته ليبقى وحيدًا يصارع الذكريات التي لا تفارقه لحظة.

فمن منزل يعج بالحياة بين أب وأم وأشقاء وشقيقات وعائلة العم في مدينة غزة، إلى خيمة مهترئة أذابها النزوح المتكرر ولهيب الوحدة.

ففي الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، خرج محمود لزيارة صديق له مساءً، لتنهمر عليه الاتصالات من الأقارب والأصدقاء تطلب منه القدوم إلى مشفى الشفاء، لأن الاحتلال الإسرائيلي قصف منزل عائلته دون سابق إنذار، وجميعهم مصابون.

كانت الصدمة كبيرة على محمود فلم يكن يتوقع يومًا أن يتم استهداف منزل عائلته، لكنه أسرع الخطى تجاه المشفى للاطمئنان عليهم، ليتفاجأ بأنهم جميعًا ممددون بالأكفان بجانب بعضهم البعض، ليدخل في حالة من الهستيريا والصدمة العصبية التي فاقت احتماله.

فقدْ فَقَدَ سنده في الحياة: والده رياض، ووالدته التي انطفأت باستشهادها كل الحياة في نظره، فهي "النفَس الجميل"، وشقيقه الأكبر، وزوجته، وطفلته مسك حفيدة الأسرة الأولى ومدللتها.

وخطفت الغارة الإسرائيلية من محمود شقيقه أحمد، الهادئ جدًا، الذي كان يتحمل منه كل إحسان وإساءة، وشقيقته الشابة زاهدة مدللة والديها.

أما محمد فكان الشق التوأم لـ " محمود"، "كان يقول لي دائمًا عندما تتزوج سنُقيم عرسًا واحدًا تستمر فعالياته أسبوعًا ندعو إليه كل معارفنا".

وأخذت الغارة الإسرائيلية من محمد جده، وعمه، وجميع عائلة عمه، التي كانت تسكن في المنزل ذاته، " قتلوا عائلتي، ودمروا بيتنا، واغتالوا ذكرياتنا".

ومع شدة القصف الإسرائيلي على غزة نزح محمود من مكان إلى آخر في داخلها، حتى حوصر في مشفى الشفاء فاضطر إلى النزوح جنوبًا، وهناك تنقّل في أكثر من مكان حتى استقر به الحال في خيمة في الزوايدة.

وفي داخل خيمته يعيش محمود ذكريات أسرته التي لا تفارق مخيلته لحظة واحدة، فتنهمر دموعه ساخنة غير مصدقة بأنهم رحلوا إلى الأبد، ويقول لصحيفة "فلطسن": " لم أستطع انتشال أي شيء من أغراضهم، لا أملك سوى بعض الصور على هاتفي النقال، التي تُمزّق قلبي كلما قلّبت نظري بينها".

المصدر / فلسطين اون لاين