أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -اليوم الجمعة- البعثة الإسرائيلية في الأمم المتحدة بإدراج إسرائيل في "القائمة السوداء للدول التي تقتل الأطفال".
قال سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، اليوم الجمعة، إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أدرج جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن قائمة عالمية للجناة المرتكبين لانتهاكات بحق الأطفال، واصفًا القرار بأنه "مخز"، وفق وصفه.
وأضاف إردان أنه جرى إبلاغه رسميًا بالقرار اليوم الجمعة. والقائمة العالمية مدرجة في تقرير عن الأطفال والصراعات المسلحة من المقرر تقديمه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 14 يونيو/ حزيران.
وقالت القناة 13 العبرية، الخميس، إن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أخطر مسؤولين إسرائيليين بأن قرر تصنيف إسرائيل على أنها "دولة تقتل الأطفال"، وإدراجها ضمن ما يعرف بـ"قائمة العار".
كما أشار غوتيريش في حديثه مع المسؤول الإسرائيلي إلى أن توقيعه النهائي سيكون في الأسبوع المقبل.
وأفاد التقرير بأن "تل أبيب" شرعت بإعداد وصياغة ردها "على الأمم المتحدة استعدادا للإعلان الوشيك".
وتركز "قائمة العار" بشكل أساسي على المتورطين في تجنيد الأطفال واستغلالهم جنسيا وقتلهم وتشويههم، والهجمات على المدارس أو المستشفيات، وغير ذلك من الانتهاكات.
وسبق أن وجهت منظمات حقوقية بينها "هيومن رايتس ووتش"، انتقادات للأمم المتحدة، بسبب ما اعتبرته "تعمدها تجاهل ضم إسرائيل المستمر إلى قائمة العار"، معتبرة أن "استثناء إسرائيل من القائمة يلحق ضررا جسيما بالأطفال الفلسطينيين".
ماذا تخشى إسرائيل من هذا القرار الأممي ؟
اعتبرت القناة العبرية أن هذا الإعلان "يثير قلقاً كبيراً لدى كبار المسؤولين في الاحتلال، لأنه يأتي على خلفية خلاف حول قرارات سياسية دراماتيكية ضد إسرائيل، كما أن له عواقب عملية يمكن أن تضر بإمدادات الأسلحة لإسرائيل".
وأوضحت كذلك أن قراراً سيكون ساري المفعول لمدة أربع سنوات، إذا تم قبوله بالفعل، ومن سيقبله بشكل نهائي هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي شهدت علاقاته مع إسرائيل العديد من اللحظات الصعبة. "في إسرائيل، بدأوا بالفعل في صياغة إجراءات رد فعل ضد الأمم المتحدة، تحسباً للإعلان الوشيك"، بحسب القناة.
وهناك في واشنطن، ترى إدارة جو بايدن أنه "يوجد خطر حقيقي من احتمال أن تصبح إسرائيل معزولة عن المجتمع الدولي بدرجة أكبر بسبب طريقة تنفيذها لهذه العملية"، بحسب جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، مشيراً إلى مذبحة الخيام في رفح.
ما هي "القائمة السوداء"؟
تعود قصة القائمة السوداء للدول التي تتسبب في إلحاق الأذى بالأطفال خلال الصراعات المسلحة إلى عام 2001، عندما أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً يؤسس لهذه القائمة ويتعهد بتوفير "الحماية للأطفال من أهوال الحرب والصراعات المسلحة".
ومنذ ذلك الوقت، أصبحت الأمم المتحدة، عبر لجنة حقوق الطفل، تصدر سنوياً "القائمة السوداء للدول والحركات والمنظمات التي تتسبب في إلحاق الضرر بالأطفال". وهناك منظمات وحركات مسلحة من أفغانستان إلى جنوب السودان ونيجيريا ومناطق أخرى موجودة في تلك "القائمة السوداء" بصورة شبه مستمرة منذ اعتمادها، من بينها القاعدة وتنظيم الدولة وبوكو حرام وغيرها.
في تقرير العام الماضي، أضيفت القوات المسلحة الروسية إلى "القائمة السوداء لمن يقتلون الأطفال"، خلال الحرب في أوكرانيا التي كانت قد اندلعت في فبراير/شباط عام 2022. وفي التقرير عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "صدمته من الأرقام المرتفعة للانتهاكات البالغة بحق الأطفال في أوكرانيا عام 2022 ومن عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات"، بحسب تقرير لوكالة AP الأمريكية.
في ذلك الوقت، تعرض غوتيريش لانتقادات حادة من جانب بعض الدول والمنظمات الحقوقية لعدم إدراج إسرائيل في "القائمة السوداء" ذاتها، على الرغم من الانتهاكات بحق 1139 طفلاً فلسطينياً، استشهد منهم 54، خلال نفس الفترة التي رصدها التقرير الأممي. بل على العكس من ذلك، أشاد غوتيريش نفسه بتعاون إسرائيل مع المبعوثة الأممية الخاصة بالأطفال في مناطق الصراع المسلح (هي نفسها فيرجينيا غامبا)، وبحرص تل أبيب على "اتباع إجراءات عملية من ضمنها مقترحات أممية" بغرض حماية الأطفال.
وعلى مدى الأسابيع الماضية يسعى المسؤولون الإسرائيليون إلى عدم إدراج تل أبيب في "القائمة السوداء" للمرة الأولى على الإطلاق، وهو ما يمثل كابوساً للاحتلال، بحسب تقرير لقناة "كان" العبرية الشهر الماضي.
وإدراج إسرائيل في القائمة السوداء ستكون له تداعيات قانونية وعملية مباشرة، مثل فرض عقوبات اقتصادية أو تجارية أو حظر أسلحة… إلى آخر تلك القائمة من التداعيات التي تواجهها الدول التي تجد نفسها مدرجة في تلك القوائم الأممية السوداء، وما تعرضت له روسيا من عقوبات غربية وأممية كاسحة ليس ببعيد.
تداعيات "القائمة السوداء" داخلياً
أما على المستوى الداخلي، فلا شك أن إدراج إسرائيل في قائمة الأمم السوداء للدول والمنظمات التي "تلحق الضرر بالأطفال وتقتلهم" سيضعف أكثر من موقف نتنياهو لصالح المعارضة التي تسعى للإطاحة به وبحكومته الأكثر تطرفاً في تاريخ الدولة العبرية. هذا في الوقت الذي توشك المهلة التي حددها بيني غانتس (الوزير في مجلس الحرب) لنتنياهو على الانتهاء، في إشارة إلى طلبات غانتس المتمثلة في وجود خطة لما بعد الحرب لإدارة غزة وعقد صفقة لتبادل الأسرى مع حماس، وهي المهلة التي تنتهي يوم 8 يونيو/حزيران المقبل.
ويأتي الجدل في "إسرائيل" بشأن ضمها لـ"قائمة العار" الأممية، بالتزامن مع ارتكاب جيشها مجزرة جديدة في باستخادن مدرسة للأونروا تؤوي نازحين في النصيرات، أسفرت عن استشهاد أكثر من 40 شخصا بينهم 14 طفلا و9 نساء.
ويأتي ذلك أيضًا، فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الخميس، إن 9 من كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء، وإن سوء التغذية يزيد من الخطر على الحياة في القطاع.
وذكرت اليونيسف في تقرير نشرته حول نقص الغذاء لدى الأطفال، أن 181 مليون طفل حول العالم دون سن الـ5 أعوام يواجهون "نقصاً خطيراً" في الغذاء.
وأضاف التقرير أن هؤلاء الأطفال "أكثر عرضة للمعاناة من الهزال الذي يهدد حياتهم بنسبة 50%".
وأوضح أن 65% من هؤلاء الأطفال يعيشون في 20 دولة، وأن 64 مليون طفل متأثرون بنقص الغذاء الخطير يعيشون في جنوب آسيا، بينما يعيش 59 مليون طفل في جنوب الصحراء الكبرى.
وأشار إلى أن 9 من كل 10 أطفال في غزة يعانون "نقصاً خطيراً" في الغذاء منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأفاد "الوضع في غزة يظهر أن الأسر غير قادرة على تلبية الاحتياجات الغذائية لأطفالها، الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الأطفال".
كما دعا التقرير الحكومات إلى اتخاذ خطوات ملموسة لمنع نقص الغذاء لدى الأطفال.