فلسطين أون لاين

متحديًا محاولات الإبادة المكانية..

بالصور يهدمون ونبني .. فلسطيني يبني بيتًا في مواصي خانيونس وسط الحرب

...
يهدمون ونبني .. فلسطيني يبني بيتًا في مواصي خانيونس وسط الحرب
غزة/ فلسطين أون لاين

"هم يهدمون ونحن نبني .. لن يكسروا إرادتنا، هذه أرضنا ولن نرحل"، هذا هو لسان حال المواطنين في قطاع غزة، الذين يواجهون حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بصمودٍ استثنائي.

ورغم مأساوية الأوضاع، وحالة الدمار الهائل التي طالت مئات آلاف الوحدات السكنية في قطاع غزة، جراء عدوان الاحتلال، قرر ناهض الأسطل أن يبني بيتًا في منطقة مواصي خانيونس، متحديًا محاولات الإبادة المكانية.

إلى جانب، شح مواد البناء بفعل الحصار وغلاء الأسعار، اتخذ الأسطل قراره بأن يبني بيتًا يؤوي أسرته بعد نحو 7 أشهر من الحرب الدامية، التي اضطر فيها للنزوح عدة مرات عن منزله في منطقة السطر الغربي بخانيونس التي اجتاحتها قوات الاحتلال مطلع ديسمبر/كانون ثان الماضي.

photo_2024-05-04_19-19-20.jpg
 

وقال الأسطل (59 عامًا) لـ "فلسطين أون لاين": "لا خيار أمامنا إلا أن نتشبت بأرضنا ولن نرحل عنها، دمروا بيوتنا في السطر ولا نستطيع الوصول إليها، نبني هنا في البحر بما تيسر".

ويرى الأسطل أن قرار بناء بيت أفضل من قرار مغادرة البلد ودفع أموال طائلة في بلاد الغربة.

وأشار إلى، أن ظروف العيش في الخيام صعبة وقاسية وسط الأجواء الجوية الحارة، لذلك اختار أن يرسخ ارتباطه بهذه الأرض بإعمار بيت جديد حتى لو كان صغير الحجم.

وعلى مدار أيام، واجه الأسطل، صعوبة في توفير مواد البناء في قطاع غزة، من بقايا ما تبقى في المحال التي نجت من القصف.

ويؤكد أن مهمة توفير المواد كانت مهمة شاقة لأنها لم تأت من مكان واحد وإنما من أماكن مختلفة وبعيدة، ولكن أمام الإرادة والإيمان لا يوجد مستحيل.

photo_2024-05-04_19-19-19 (2).jpg
 

ويردف بالقول: سنبني البيت ولن ننتظر الهدنة أو الإعمار، نحن شعب يحب الحياة ويعشق هذه الأرض ولا توجد قوة في الأرض تمنعنا من ذلك.

"عندما قررت بناء البيت، قلت لماذا أبقى أسير الانتظار الذي ربما يطول، هناك من يدفع مبالغ طائل ليسافر، فلماذا لا أضغط على نفسي وأبني بيتا صغيرًا لإيواء العائلة التي عانت كثيرًا من النزوح والتشرد". مستكملًا.

ويوضح أن منزله الجديد أقيم على مساحة ١٠٠ متر مربع وهو مسقوف باطون، وتكلفته تزيد نصف الضعف التكلفة المعتادة، لندرة المواد والإمكانيات.

photo_2024-05-04_19-19-20 (2).jpg

ببناء بيته وسط الحرب التي لم تضع أوزارها، يؤكد الفلسطيني ناهض الأسطل تجذره في أرضه ووطنه ورفضه مشاريه التهجير والاقتلاع .. ولسانه حاله يقول باقون ولن نرحل، وسنعمر ما يهدمون.

photo_2024-05-04_19-19-20 (3).jpg

إعادة الإعمار قد تمتد لـ 80 عامًا 

وفي الإطار، أفادت تقديرات صادرة عن الأمم المتحدة، أن كلفة إعادة إعمار قطاع غزة تتراوح بين 30 إلى 40 مليار دولار نتيجة حجم الدمار الهائل وغير المسبوق فيه بعد سبعة أشهر من الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع المحاصر.

وتسبَب القصف الإسرائيلي المستمر منذ نحو سبعة أشهر خسائر بمليارات الدولارات وأدى لتحول العديد من المباني الخرسانية المرتفعة في القطاع المحاصر والمكتظ بالسكان إلى أكوام من الركام، حيث أشار مسؤول في الأمم المتحدة إلى أن الدمار جعل قطاع غزة "مثل سطح القمر".

وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدردري، في مؤتمر صحافي عقده من عمان، إن إعادة الإعمار في قطاع غزة "قضية مكلفة للغاية ستستغرق وقتا طويلا"، مشيرا الى أن كلفتها "تبلغ حوالي 18 مليار دولار".

وأوضح أن هذه التقديرات تستند إلى "ما التقطته الأقمار الاصطناعية من دمار، لكن هذه ليست القيمة النهائية على الأرض". وأضاف "تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأولية لإعادة بناء كلّ ما دمّر في غزة، تتجاوز الـ30 مليار دولار وتصل حتى إلى 40 مليار دولار".

وتابع "إنها مهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية". وذكر أنه "جرى بحث تمويل (إعادة الإعمار) مع دول عربية وهناك إشارات إيجابية للغاية حتى الآن"، من دون أن يعطي تفاصيل أخرى.

وأشار إلى أن الاعتماد على "الأطر التقليدية" لإعادة البناء تعني أن "الأمر قد يستغرق عقودًا من الزمن والشعب الفلسطيني لا يملك رفاهية عقود من الزمن. لذلك من المهم أن نقوم بسرعة بإسكان الناس في سكن كريم وإعادة حياتهم الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية (...) خلال السنوات الثلاث الأولى بعد وقف إطلاق النار".

وأوضح التقييم، الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن غزة بحاجة إلى "قرابة 80 عاما لاستعادة جميع الوحدات السكنية المدمرة بالكامل". وكرّر الدردري أن إجمالي الركام الذي تراكم حتى الآن في غزة يصل الى "37 مليون طن"، معتبرا أن هذا الرقم "هائل ويتصاعد يوميا وآخر البيانات تشير إلى أنه يكاد يبلغ الأربعين مليون طن".

وتابع أن "72% من الأبنية السكنية دُمّرت كلّيا أو جزئيا"، بينما "التنمية البشرية في غزة بكل مكوناتها من صحة وتعليم واقتصاد وبنى تحتية تراجعت 40 عاما. أربعون عاما من الجهود والاستثمارات ذهبت أدراج الرياح".

واعتبر أن "المرحلة الأخطر هي أن يتوقف إطلاق النار ولسنا مستعدين. لذلك، لابدّ أن نكون جاهزين ومستعدين لتوفير السكن الموقت الكريم وإزالة الركام والتعامل مع آلاف الجثامين تحت هذا الركام".

وبحسب التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تسبب القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، خلال الأشهر السبعة الماضية، بأضرار لـ370 ألف مبنى، بينها 79 ألف مبنى دُمر بالكامل.

وأشار التقرير إلى أنه في أفضل سيناريو في حال توقفت الحرب اليوم، بحيث يتم تسليم مواد البناء بشكل أسرع خمس مرات مما كان عليه الأمر في عام 2021، فإن إعادة بناء جميع المباني المدمرة سيستمر حتى العام 2040.

وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، في بيان، إن "المعدلات غير المسبوقة من الخسائر البشرية، والدمار الجسيم والزيادة الحادة في الفقر في مثل هذه الفترة القصيرة، ستؤدي إلى أزمة إنمائية خطيرة تهدد مستقبل الأجيال القادمة".

وأشار التقرير إلى أنه في حالة استمرار الحرب تسعة أشهر، فمن المتوقع أن يزداد الفقر بين سكان غزة من 38.8% نهاية عام 2023 إلى 60.7%، مما يجر جزءا كبيرا من أبناء الطبقة الوسطى إلى ما دون خط الفقر.

7500 طن من الذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء غزة

وفي تقرير سابق،  إن نحو 7500 طن من الذخائر غير المنفجرة متناثرة بأنحاء قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة، وإن إزالتها تستغرق قرابة 14 عاما.

وأوضحت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام، في بيان، أن "هناك نحو 7500 طن من الذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء غزة، الأمر الذي قد يستغرق ما يصل إلى 14 عاما لإزالتها".

وللتخفيف من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون وفرق الإغاثة في هذه الأثناء، أصدرت الدائرة نداءات عاجلة للحصول على مساعدة من المجتمع الدولي لإزالة مخلفات الحرب من المتفجرات، وفق موقع "أخبار الأمم المتحدة".

وتقوم الدائرة الأممية بحملات توعية بمخاطر تلك الذخائر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإرسال رسائل نصية عبر الهاتف، إضافة إلى توزيع منشورات على نحو 1.2 مليون شخص في غزة.

وأشار الموقع إلى وجود نحو 37 مليون طن من الحطام في القطاع الذي من المحتمل أن يحتوي على قرابة 800 ألف طن من "الأسبستوس" والملوثات الأخرى.

ويُطلق مصطلح "الأسبستوس" على مجموعة معادن ليفية تتكون طبيعيا تستخدم لأغراض العزل داخل المباني وفي مكونات ألواح التسقيف وأنابيب الإمداد بالمياه وبطانيات إطفاء الحرائق ومواد الحشو البلاستيكية والعبوات الطبية وغيرها.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تمثل جميع أشكال "الأسبستوس" مواد مسرطنة للبشر، وقد تتسبب في الإصابة بسرطانات الرئة والحنجرة والمبيض وغيرها.

وعقب انسحاب القوات الإسرائيلية من مدينة خان يونس جنوب القطاع في أبريل/ نيسان الماضي، أفادت بعثة فريق التقييم التابع للأمم المتحدة بأن "الشوارع والأماكن العامة امتلأت بالأسلحة غير المنفجرة، إضافة إلى العثور على قنابل تزن ألف رطل ملقاة على التقاطعات الرئيسية وداخل المدارس".

وأوضحت الأمم المتحدة أن جهودها مستمرة لتأمين المناطق وتجهيزها لعودة السكان إلى خان يونس، بما في ذلك تقييم الأضرار في المرافق التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ورسم خرائط للمناطق عالية الخطورة التي تحتوي على الشظايا والذخائر غير المنفجرة.