فلسطين أون لاين

تقرير عائلة "مصلح خليل".. ضحية الإعدام بدمٍ بارد في مدرسة تؤوي نازحين شمالي غزة

...
MZpp5.jpeg
نور الدين صالح

بينما كانت تسود حالة من الهدوء الحذر، وعقارب الساعة تتجه نحو الثامنة صباحاً، إذ بعشرات الآليات الاسرائيلية تحاصر إحدى المدارس التي تؤوي بين جدرانها العشرات من عائلات النازحة في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة.

حالة من الإرباك والخوف دبّت في قلوب هؤلاء النازحين الذين ذاقوا مرارة النزوح والتنقل مرّات عديدة إلى انتهى بهم المطاف في مدرسة "شادية أبو غزالة" في منطقة الفالوجا غربي مخيم جباليا شمالي القطاع.

كانت هذه الأحداث المؤلمة التي يروي تفاصيلها المواطن يوسف الصعيدي (57 عاماً)، في منتصف شهر ديسمبر الماضي، حينما اقتحمت قوات الاحتلال المدرسة التي تشكّل "مأوى للنازحين" في ذلك الوقت وهدمت أحد جدرانها.

ويقول الصعيدي وهو أحد شهود العيان في المدرسة: إن "قوّة من جيش الاحتلال الاسرائيلي، داهمت المأوى الذي يتواجد به مع 6 عائلات أخرى نازحة فقط، بعد أن عمدت باقي الأسر للخروج قبل اقتراب الآليات العسكرية الإسرائيلية من المكان".

ويروي الصعيدي، أن قوّة إسرائيلية مكوّنة من 5 جنود، أخذت تقتحم غرف النازحين واحدة تلو الأخرى، وهم نائمون بداخلها، وهو ما دّب حالة من الخوف والرُعب بين النازحين لا سيّما الأطفال والنساء.

ما زاد حالة الرُعب أكثر أن تلك القوّة أخذت تصوّب أسلحتها تجاه النازحين خلال تفتيش غرفهم، حسبما يحكي "الصعيدي"، الذي سارع على الفور بالتحدث مع تلك القوّة كونه يُجيد اللغة العبري منذ أن كان يعمل في (اسرائيل) منذ تسعينيات القرن الماضي.

دار حوار قصير بين الصعيدي وتلك القوّة حيث أبلغهم بأن جميع النازحين نائمين، فكان رد ضابط الاحتلال "على جميع النازحين رفع أيديهم عالياً والنزول إلى ساحة المدرسة، ووقوف الرجال على جهة والنساء على جهة أخرى".

ووفق الصعيدي، تعرض جميع النازحين للتحقيق وتفتيش الجوالات وآخرين للضرب، حيث بقوا مكبلي الأيدي لمدة يوم كامل، وهو ما وصفه ضمن "مسلسل الاجرام الاسرائيلي".

وفي صبيحة اليوم التالي، أطلقت قوات الاحتلال سراح عدد من النازحين، في حين اقتادت 7 منهم إلى جهة مجهولة، بينهم اثنان من أبناء "الصعيدي" وآخر ابن شقيقه.

كانت الصدمة بالنسبة للصعيدي وجميع النازحين، حينما عادوا إلى المدرسة فتوجهوا إلى غرفهم، ليجدوا المواطن "مصلح خليل" وعائلته قد أصبحوا في عداد الشهداء.

وأضاف الصعيدي "في تلك اللحظات شاهدنا جيش الاحتلال وهم يخرجون بطفل في العاشرة من عمره، محمول على سرير، يبدو أنه مصابًا وهو الناجي الوحيد من عائلة خليل، ولم نعرف مصيره بعد".

وبعد مرور شهرين على تلك الحادثة المفجعة، عاد "الصعيدي" برفقة عائلته وآخرين إلى مدرسة "شادية أبو غزالة" بعد انسحاب جيش الاحتلال من المكان، ولكن لا يزال الكثير من التفاصيل المؤلمة تجتاح ذاكرته المنهكة، لا سيّما أنه فقد أي معلومات عن "ابنه وابن شقيقه" حتى الآن، فلم يجد أمامه كلمات تسعف ذاكرته سوى "حسبنا الله ونعم الوكيل".

ولا يزال العدوان "الإسرائيلي" مستمر للشهر السابع على التوالي، حيث خلّف أكثر من 33 ألف شهيد وعشرات آلاف الإصابات في صفوف المواطنين، عدا عن الدمار والخراب الكبيرين اللذين أصابا كل محافظات قطاع غزة.