مع إشراقة شمس كل يوم، يقطع سائد مبارك نحو ٥ كيلومترات سيرًا على الأقدام، متجهًا إلى إحدى البنايات المدمرة في حي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة.
هناك، يرقد والداه وشقيقاته غدير مع أطفالها الخمسة وزوجها، وهديل مع بناتها الأربعة وزوجها، وصابرين، بعد أن فقدوا حياتهم جراء تدمير طائرات الاحتلال الإسرائيلي للمنزل الذي لجؤوا إليه في ٢٧ كانون الأول/ديسمبر الماضي.
بمجرد وصوله، يحاول مبارك، البالغ من العمر ثلاثين عامًا، إطلاق نداءات على أمل أن يسمعه أحد أفراد عائلته، لكن دون جدوى.
وعلى الرغم من مرور أكثر من شهر على فقدانهم، لم يستسلم مبارك يومًا في محاولة البحث عن والديه وشقيقاته تحت الأنقاض، رغم صعوبة المكان وخطورته.
دمرت طائرات الاحتلال منزلهم المكون من خمس طوابق، الذي كان ملجأً لـ٢٦ نازحًا، مما جعل مهمة انتشال الجثامين صعبة بسبب استهداف جيش الاحتلال لجهاز الدفاع المدني وتدمير آلياته.
يجلس مبارك على ركام المبنى، حزنًا وذكرى لعائلته، متهمًا جيش الاحتلال بارتكاب مجزرة بحق أسرته.
ويشير إلى أن عائلته رفضت الاستجابة لنداءات الاحتلال الزائفة واختارت البقاء في غزة، متمسكين بأرضهم كما في النكبة عام ١٩٤٨.
مبارك، بعد توقف قصير، يسترسل في الحديث عن تمسك والده بالأرض ورفضه لإملاءات الاحتلال، حتى اقتربت آليات الجيش، مما اضطرهم لمغادرة منزلهم تحت وطأة القصف الشديد والانتقال إلى مراكز الإيواء التي لم تسلم هي الأخرى من القصف.
ويلفت إلى أنه طوال أيام العدوان بقي بجوار والديه الذين طلبوا منه تركهم خشية من استهدافهم وليبقي أحد يحمل إسم العائلة ويشترك في بناء الوطن.
مبارك يختم بدعوة أحرار وشرفاء العالم للوقوف إلى جانب الشعب الفللسطيني ووقف العدوان على غزة، مطالبًا بانتشال الشهداء من تحت الأنقاض ودفنهم بكرامة.
ويعبر عن إحباطه وحزنه العميق على فقدان عائلته، متسائلًا عن موقف العالم من المجازر المتكررة في غزة وغياب العدالة للضحايا.