فلسطين أون لاين

تقرير صمود إياد نصار.. حكاية أسير تلهم العزيمة والإصرار

...
طولكرم-غزة/ هدى الدلو:

وجد نفسه مضطربًا على سرير المرض، غارقًا في أفكار مستقبله المجهول، عندما واجه خبر اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي مخيم طولكرم. لم يكن يستطيع حتى الحركة، وفي الوقت نفسه تدور في ذهنه أسئلة عن كيفية التصدي لتلك الهجمة القاسية.

إنها قصة إياد محمود نصار، الأسير الفلسطيني الذي تحولت حياته إلى ملحمة من الإرادة والصمود، وتعكس واحدة من تلك القصص القوية التي تترجم معنى الصمود والتفاؤل في وجه المصاعب.

قرر إياد بمساعدة زميلة تحدي آلام العملية الجراحية والانضمام إلى إخوته في دفاعهم عن أهل المخيم في يوم اجتياحه، إذ كان على قناعة أنه إذا لم يهرب فسيتم اعتقاله عن سرير المرض.

وبعد هروبه من المستشفى بساعات قليلة تعرض وزميله لقصف صاروخي أدى إلى استشهاد زميله على الفور، في حين أصيب هو بشظايا متفرقة في جسده، غير أن الإصابة البالغة استقرت بعينه، إذ فقد في إثرها 50% من بصره، كما تخبر شقيقته تهاني.

ولا تزال تهاني تذكر الكثير من تفاصيل يوم 20 أغسطس 2002 عن حياة إياد (43 عامًا) ويوم اعتقاله، "فمنذ طفولته وهو شخصية مرحة، ذو وجه ضحوك، لديه طاقة كبيرة، أصبح شاباً ولا يزال يحتفظ بتلك الشخصية التي يحبها الجميع حتى رغم اعتقاله".

وتحكي عن يوم إصابة شقيقها: "من هول القصف والدماء النازفة اعتقدنا أن إياد استشهد وحجزوا جثمانه، وفتحنا بيتًا للعزاء، وبعد شهرين بالتمام والكمال وصل إلينا خبر أنه على قيد الحياة، لم تتسعني وعائلتي الفرحة".

وتضيف تهاني: "فيما بعد أخبرني إياد ببعض التفاصيل، فقد تركوه ينزف 14 ساعة قبل إسعافه، ولم يقدموا له سوى إسعافات أولية ليتمكنوا من سحب اعترافات منه، ثم أرسلوه إلى مركز التحقيق "الجلمة"، وخلال فترة تحقيق امتدت نحو 80 يومًا ترك من غير علاج للضغط عليه، واستغلال ضعفه".

وبعد عامين "بالتمام والكمال" أصدر القضاء الإسرائيلي حكماً كبيراً بحق إياد و7 شبان من أفراد المجموعة، إذ أوقعت عليهم القاضية الإسرائيلية حكمًا قاسيًا موحدًا بالسجن المؤبد (25 عامًا) إضافة إلى 15 عامًا أخرى، "لم نستسلم للحكم وخضنا سجالًا طويلًا في المحاكم مع المحامين لأجل تخفيض الحكم مراعاة لوضعه الصحي، وتمكنا من ذلك ليقضي حكمًا بالأسر 30 عامًا.

وتلفت تهاني إلى أن تفاصيل التحقيق أخفاها إياد عن والدته التي كانت لها الحصة الأكبر من الزيارات في محبسه، إذ كان يتجنب الحديث معها عن تفاصيل الإصابة ومعاناة الأسر ليحافظ على نفسيتها خاصة بعد استشهاد شقيقه.

وتقول إن شقيقها تحدث إليها في إحدى المرات عن وجعه لعدم تمكنه من وداع شقيقه الشهيد صالح، ووالدته التي توفيت قهرا بعدما لم يعد حولها أبناؤها الذين تفرقوا عنها بين شهيد وأسير، وبيتها الذي هدم مرتين، فأصابتها أمراض القلب والضغط والسكري وباتت مريضة فشل كلوي قبل وفاتها عام 2015.

معاناة الإصابة

وتلفت تهاني إلى أن شقيقها إياد لم يتلقَّ العلاج والرعاية الصحية اللازمة لوضعه بسبب الإصابة، وخاصة عينه اليسرى، فقد تركوا فيها الشظية الحديدية دون إخراجها، إذ تسببت له بالتهابات شديدة، وبعد 7 سنوات من المعاناة أجريت له عملية جراحية لإزالة الشظية، ففقد 50% من قدرة العين اليسرى على الإبصار ثم فقده بشكل كامل بعد إصابته بـ"الماء الزرقاء".

وتبين أن إياد يعاني أوجاعا وآلاما بفعل الإصابات المتفرقة التي أصيب بها في بطنه وظهره وقدمه، ولم يتلقَّ أي علاجات أو أدوية لحالته الصحية، ولم تشفع له تلك المعاناة أمام إدارة سجون الاحتلال لتقديم علاج يخفف من آلامه، بل مارست بحقه سياسة الإهمال الطبي، فلا تلقي بالًا لمطالباته بعرضه على طبيب عيون وإدخال نظارات طبية له.

وتشير إلى أن إياد تغلب على معاناته في الأسر بالعودة إلى مقاعد الدراسة التي حرم منها بالخارج بسبب مطاردة الاحتلال له واضطراره للانتقال من جامعة لأخرى، مبينة أنه حصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ ودرجة الماجستير في العلوم السياسية والقانون الدولي، ويكرس وقته حاليًا للحصول على درجة الدكتوراة.

كما داوم على موهبته في كتابة الشعر وإلقائه، مستثمراً كل مناسبة لذلك، فبات لديه ديوان شعري يحلم بطباعته يوم نيله حريته.

المصدر / فلسطين أون لاين