صباح كل يوم، ينقل المواطن عطاف العزيزة، أولاده الثلاثة على ظهر الإبل وصولًا إلى خيمة أقيمت أمام مدرسة قرية "وادي النعم" في النقب المحتل، لتلقي تعليمهم الدراسي في المرحلة التأسيسية.
ولا تعترف سلطات الاحتلال هناك بالمدرسة، ما يعني منعها من الحصول على تراخيص لتوسيع فصولها لاستقبال المزيد من الطلبة، الأمر الذي أجبر الأهالي هناك لإقامة خيمة تعليمية أمام المدرسة لاستقبال الطلبة الجدد.
ويتلقى أبناء العزيزة، تعليمهم في مرحلة البستان والتمهيدي داخل هذه الخيمة، التي يراد منها جلب التضامن الدولي مع أهالي القرية ولفت أنظار العالم على ما تمارسه سلطات الاحتلال بحق المسيرة التعليمية للفلسطينيين.
وقال العزيزة لصحيفة "فلسطين": "مع بداية العام الدراسي الحالي، لم يتم فتح صفوف دراسية جديدة في المدرسة، وهناك ازدحام شديد في الصفوف حيث يبلغ عدد الطلبة في الفصل الواحد 45 طالبًا، ما يؤدي لتدني مستويات الطلبة".
اقرأ أيضًا: قيادة "بن غفير" لتهجير النقب.. مرحلة جديدة من الاستيطان والتهويد
ويصر الرجل الذي يعيش مع عائلته في هذه القرية، على نقل أبنائه الطلاب يوميًا على ظهر الإبل إلى الخيمة صباح كل يوم لمسافة تزيد عن خمسة كيلومترات، بهدف تلقي تعليمهم التأسيسي.
وأكد العزيزة أن سلطات الاحتلال ترفض منح تراخيص لإنشاء فصول دراسية جديدة، في محاولة منها لمعاقبة سكان القرى البدوية بالنقب، لنضالهم في معركة الدفاع عن أرضهم ورفضهم محاولات تهجيرهم، مبينًا أن ما تسمى بسلطة تطوير النقب، وضعت من أعوام مخطط لاقتلاعهم عبر تضييق الخناق على سكانها.
وناشد كل أبناء الشعب الفلسطيني بالوقوف إلى جانب سكان النقب، في ظل المحاولات المتكررة لسلطات الاحتلال الرامية لتجهيل أبنائهم ومنعهم من الحصول على التعليم، بهدف دفعهم للرحيل عن منطقتهم.
وأنشئت المدرسة عام 1970، بحسب العزيزة الذي بين أن فصولها الدراسية عبارة عن "كرفانات" وتخدم حوالي 2500 طالب من الصف الأول الأساسي وحتى التاسع، إضافة إلى رياض الأطفال التي تضم 600 طفلًا.
وتتعرض مدرسة "وادي النعم" لعدة تحديات تؤثر كثيرًا على تعليم الطلبة، أهمها ازدحام الطلبة إذ يبلغ عدد الطلاب في الكرفان الواحد 45 طالبًا، وارتفاع درجة الحرارة في هذه الكرفانات، وعدم توفر الكهرباء والماء والصرف الصحي، وفق، تيسير أبو كفيف، أحد أولياء الأمور في القرية.
اقرأ أيضًا: المقاومة الشعبية تحمّل الاحتلال مسؤولية جرائم التطهير العرقي في النقب
واشتكى أبو كفيف عبر صحيفة "فلسطين" من إضراب شركات النقل التي تمتنع عن نقل الطلبة إلى المدرسة بسبب عدم تسديد مرتباتهم من مجلس واحة الصحراء الذي يشرف على عملية النقل، وهو ما يكبد الأهالي أعباء جديدة تتمثل بنقل أبنائهم بأنفسهم إلى المدرسة لضمان استمرار تعليمهم.
وأكد أبو كفيف إصرار الأهالي على تقديم التعليم لأبنائهم عبر إقامة خيمة التضامن أمام المدرسة كوسيلة للمطالبة بإنشاء فصول دراسية جديدة للطلاب، مردفًا: "الأهالي يستعدون للقيام بمزيد من الاحتجاجات لدفع سلطات الاحتلال إلى تلبية مطالبهم وتوفير بيئة تعليمية مناسبة لأبنائهم".
ويجلس أبو كفيف، على مقربة من الخيمة، بانتظار انتهاء الدوام ليعود بابنه إلى منزله الذي يبعد نحو 5 كيلومترات عن المدرسة.
من جانبه، أكد الناشط الاجتماعي في النقب المحتل جلال أبو بنية، أن سلطات الاحتلال تتبع سياسات ممنهجة تستهدف سكان القرى والتجمعات البدوية في منطقة النقب المحتل بهدف دفعهم إلى الرحيل عن أراضيهم.
اقرأ أيضًا: خطة المتطرف "شيكلي".. اقتلاع وتجميع "فلسطينيي النقب" في غيتوهات
وبين أبو بنية، لصحيفة "فلسطين" أن هذه السياسات تتمثل في التضييق على الطلبة ومنع فتح صفوف دراسية جديدة، وعرقلة وصول باصات نقل الطلبة من خلال منعها من الحصول على التمويل اللازم.
وقال: إن 160 طالبًا في مدرسة القرية يجدون صعوبة في العثور على صفوف دراسية خاصة في مرحلتي البستان والتمهيدي، إلى جانب اكتظاظ الفصول الدراسية من الأول حتى التاسع، بسبب رفض سلطات الاحتلال منح إدارة المدرسة التصريح لفتح صفوف دراسية جديدة، إلى جانب عدم توفر الخدمات الأساسية للمدرسة.
وأكد الناشط الاجتماعي، أن الأهالي مستمرون في نضالهم، للمطالبة بفتح فصول دراسية جديدة وتحسين بيئة التعليم وضمان تقديم الخدمات الأساسية لأبنائهم.