فلسطين أون لاين

كهف "أم البلابل".. بنية جمالية خلابة تشكلت عبر ملايين السنين

...
كهف "أم البلابل".. بنية جمالية خلابة تشكلت عبر ملايين السنين
قلقيلية- غزة/ هدى الدلو:

يُعد كهف "أم البلابل" الواقع في قرية كفر لاقف، واحدًا من أبرز المعالم البيئية التي وهبها الخالق لهذه القرية، إلا أن التصنيف السياسي للمكان يمنع استثماره كمزار سياحي فلسطيني.

فالكهف الواقع شرق مدينة قلقيلية يمثِّل محطة جذب للزائرين الذين يأتون -دون تنظيم- لاستكشاف جمال المكان الطبيعي والتاريخي، وفق ما يؤكد المدير العام لوزارة السياحة والآثار في محافظة قلقيلية وسلفيت مفيد صلاح.

ولم يرد في المصادر المعرفية سبب تسمية الكهف أو المغارة بـ"أم البلابل"، ولكن البعض يرجع ذلك إلى الأعشاش التي تضعها الطيور في المكان، وتردد طيور البلابل الصغيرة والحمام للتعشيش فيها.

يقول صلاح: إن بعض المواقع ذكرت أن كهف "أم البلابل" يُطلق عليه أيضًا "كهف النحل" نظرًا لاستخدامه مأوى للنحل وإنتاج العسل. 

التكوين الجيولوجي

وعن جغرافية المكان، يصف صلاح "أم البلابل" بأنه كهف يتميز بتكوين صخري رائع وتشكيلات جيولوجية تعطيه مظهرًا ساحرًا وجذابًا، حيث يتميز "أم البلابل" بجماله الفريد وتشكيلاته الصخرية الرائعة التي شُكِّلت على مر العصور.

ويشير إلى أن الكهف يتكون من شقوق وممرات ضيقة وغرف صخرية واسعة أذيبت وأعيد تبلورها، لافتًا إلى أن تلك التشكيلات الصخرية بداخله يعود عمرها إلى ملايين السنين، وذلك من خلال مشاهدتهم للصواعد والنوازل والستائر الصخرية والأعمدة الكلسية التي تبرز داخل الكهف، إضافة إلى كمية الطين التي ترسبت في قعر الكهف.

ويبيّن صلاح أن المتدليات الموجودة في الكهف تكوّنت بفعل ترسيب كربونات الكالسيوم، وبعض أملاح المعادن الأخرى التي تترسب من محاليل مياه معدنية، "فالحجر الجيري للكهف يتكون من كربونات الكالسيوم، وقد جذبت التشققات في سطح الأرض مياه الأمطار التي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون لتتكون هذه المتدليات".

ولفت إلى أن هذا المحلول يتسرب من خلال شقوق الكهف هابطًا حتى يصل إلى إحدى الحبيبات المعلقة في سقف الكهف ويتقاطر منها، وعندما يتعرض المحلول للهواء لمدة ينعكس التفاعل الكيميائي الذي حدث من قبل وتترسب كربونات الكالسيوم عليها.

ويبدأ كل متدلى بتقاطر نقطة واحدة من الماء المحمل بالأملاح المعدنية ثم نقطة ثانية فثالثة وهكذا في نفس المكان، وعند تساقط النقط فإنها تترك عالقًا رقيقًا من الكالسيت على سطح ما يشبه الشكل المخروطي، وهي هشة سهلة الكسر.

ويصف صلاح عملية تقاطر المياه داخل الكهف بأنها بطيئة جدًا، وبالكاد يصل إلى أمتار معدودة طوال العام.

ألوان وظلال

وتمتاز جدران الكهف بلونها الداكن وتشكيلاتها المختلفة، والتي تخلق مشهدًا مدهشًا من الألوان والظلال.

ويقول صلاح: "يعتقد البعض أن ترسبات المياه من الصواعد والنوازل تساعد في علاجات بعض الأمراض مثل مرض التهاب المسالك البولية وغيرها ولا أحد يعلم حقيقة الأمر، ولكن اكتُشف ذلك من خلال تردد قطعان المستوطنين على الكهف للحصول على الماء، وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على أن المياه التي بداخله صافية ونقية".

ويتابع: "أم البلابل يعد من الكهوف التي ليس للإنسان أي تدخل فيها، وهو ذو بنية جمالية خلابة، إلا أنه بحاجة إلى تسليط الضوء عليه وتأهيله ليصبح محط جذب في السياحة البيئية".

ويفيد بأن الكهف يتبع المجلس القروي لقرية "كفر لاقف" شرقي قلقيلية، وهي ضمن المناطق (ج) التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي.

وتعرف المناطق (ج) بأنها تلك الأراضي التي أعطى اتفاق أوسلو بين "منظمة التحرير الفلسطينية" وحكومة الاحتلال عام 1993، السيطرة الأمنية والمدنية الإدارية عليها للاحتلال، وهي تشكل 62% من مساحة الضفة الغربية، ويخوض فيها أكثر من 350 ألف فلسطيني معركة وجود طويلة ودامية في كثير من الأحيان.

ويبين صلاح أن أي عملية اقتراب أو تأهيل للمكان أو تطويره سياحيًّا يقابل بالفرض من الاحتلال، ويقابله تعدٍ على المكان بشكل أكبر، ولا يمكن إعادة تكوينه وتشكيله، فأي تعدٍ عليه يشكل خطرًا.

ويأمل صلاح أن تُتاح لهم الفرصة بأن يكون لهم تدخُّل لتطويره وحمايته، ليتم استثماره سياحيًّا لكونه جزءًا من الجمال الفلسطيني والتنوع البيئي.