فلسطين أون لاين

تقرير 15 عائلة تخوض صراعًا على موارد الرزق في قرية الثعلة

...
قرية الثعلة في مدينة الخليل بالضفة الغربية
الخليل/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

أصبح الأمان وهدوء البال بعيد المنال بالنسبة للمواطن يوسف عوض، ففي أي لحظةٍ من النهار أو الليل قد يجد مستوطناً إسرائيلياً جاثماً في بيته معتدياً على أطفاله، فلم يعدْ الخطر مقصوراً بحدود المنزل الخارجية بعدما وصل إلى عقر داره.

حال عوض (40 عاماً)، هو جزء من الحالة التي يعيشها 120 مواطناً في القرية الواقعة ضمن تجمع مسافر يطا الذي يضم 19 قرية. فمنذ ثلاثة سنوات يعيش سكان "الثعلة" حياة قاسية، وذلك حين أحاطت المستوطنات الإسرائيلية الرعوية بهم من كل حدبٍ وصوب وضيقت عليهم كل سبل الحياة.

يقول عوض: "منعونا من الخروج بمواشينا إلى المراعي، فما أن يخرج أحدٌ منا بأغنامه يجد المستوطنين قد حاصروه بعرباتهم الزراعية، وحالوا دون خروجه قبل أن يعتدوا عليه في مشهدٍ يثير الرعب في قلوب الأطفال".

ويسكن القرية 15 أسرة من عائلة عوض تعيش أوضاعاً استثنائية منذ أنْ أصبح المستوطنون من "الرعاة" لا يبعدون سوى كيلومتر واحد عنهم، إذ منعوهم تماماً من الوصول إلى أرض جبلية بمساحة 3300 دونم اعتادوا على رعي أغانمهم فيها، ويضيقون عليهم في طريق خروجهم للأراضي الزراعية الخاصة.

اقرأ أيضًا: المستوطنون يحرقون عشرات الدونمات الزراعية جنوبي نابلس

ويضطر أصحاب المواشي في القرية لشراء الأعلاف والعشب لتعويض خسارة فقدان المراعي، ويبلغ سعر طن الشعير قرابة 1600 شيكل، "ما يعني أن الرعي أصبح دون أي جدوى اقتصادية بل هو خسارة للمواطنين"، وفق عوض.

ويلفت إلى أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن المستوطنين حالياً يريدون تدمير مهنة الزراعة، "فعندما نخرج لأراضينا يمنعوننا من الوصول إليها، نشتكي لشرطة الاحتلال بعد أن نكون قد صورنا ووثقنا ما فعلوه، لكن سلطات الاحتلال لا تلتف لشكوانا بل قد تعتقلنا وتُجبرنا على دفع غرامات باهظة بدلاً من أنْ تُحاسب المستوطنين".

ويشكو سكان "الثعلة" من نقص في المياه وعبث المستوطنين بمياه البئر الذي يغذي القرية إذ يستخدمونه لشربهم وشرب مواشيهم ويمنعوننا من الوصول إليه في أغلب الأوقات، "ما يؤدي لتدمير مزارعنا التي لم نعد نجد الماء لسقايتها".

وليس مورد الرزق هو الأمر الوحيد الذي حرم المستوطنون أهل القرية منه، إذ سلبوا السكان الأمان، فلم يعد بمقدور الناس والأطفال الخروج ليلاً أو نهاراً بمفردها، "فقد نُفاجأ في منتصف الليل بهم عبر عرباتهم في وسط بيوتنا يزعجوننا ويعتدون علينا".

اقرأ أيضًا: الاحتلال يخصّص 700 مليون شيكل دعمًا للاستيطان في الضفة

حرمان من الخدمات

ويضيف عوض: "يطلقون أغنامهم باتجاه بيوتنا ما يجعلنا حبيسي البيوت التي هي بعيدة كل البعد عن البيوت بالمعنى العصري، فهي إما حاويات معدنية (كرفان)، أو غرف مسقوفة بألواح الصفيح أو مغارات في الجبال نعاني فيها حر الصيف وبرد الشتاء.

وتقع قرية الثعلة في نطاق الأراضي المصنفة (ج)، وهي بذل محرومة من كل الخدمات، "كنا نتزود بالمياه من خط يأتينا من قرية "أم الخير"، ومنذ أربع شهور خلت لم تصلنا قطرة ماء واحدة، فنشتري المياه في صهاريج سعتها 20 كوباً بسعر يبلغ 600 شيكل".

أما الكهرباء فيحصل عليها سكان "الثعلة" من خلايا شمسية قدمتها لهم مؤسسات مانحة، "نعاني ضعفًا شديدًا في هذه الخلايا حالياً ما جعلنا نعيش في حر الصيف دون مرواح أو ثلاجات، وفي المساء ينعدم الضوء، وهنا يكبر الخوف في قلوبنا من اعتداء المستوطنين الذين يستغلون الظلام الدامس للولوج للخربة وإرهابنا والاعتداء علينا".

اقرأ أيضًا: الاستيطان الرعوي.. أسلوب (إسرائيل) لتهويد الضفة وتهجير مزارعيها

الاستيطان الرعوي

والحياة في القرية أصبحت "قطعة من العذاب"، كما يصفها المواطن علي عوض، "فنحن محرومون من المياه منذ أن غزا الاستيطان الرعوي قرى مسافر يطا، فالمستوطنون يعتدون على آبار المياه ويعبثون بمياهها ويحطمون مزارع المواطنين".

ويرى أن كل تلك الاعتداءات تهدف إلى دفع الناس للخروج من المنطقة التي يعدها الاحتلال "مناطق إطلاق نار" ويحرم المواطنين الفلسطينيين فيها من كل الخدمات والبنية التحتية.

ويقول: "نخوض معهم حروباً شرسة على المياه فبئر العائلة لم يسلم من اعتداءاتهم حيث يخربونه من حين لآخر، وينصبون خياماً حوله ويقضون نهارهم بالتنزه والشرب منه لهم ولمواشيهم".

ويضيف عوض أن الناس لم يعودوا يطيقون تكلفة الرعي في "القرية" بعد أن مُنعوا عن المراعي، "جدي مثلاً، اشترى هذا العام علفاً بأكثر من 30 ألف شيكل، في حين أنه لو باعها فإنها لن تجلب له هذا المبلغ".

والحرب على مورد الرزق ليست الوحيدة في "الثعلة"، وتطال التنقل إلى المدارس والتعليم والتطبيب والتسوق خارجها، فالطرق وعرة ولا يوجد أي مواصلات من وإلى القرية ما يجعل طلاب المدارس وسواهم تحت التهديد دوماً.