فلسطين أون لاين

تقرير "نخلة الشبر".. مَسرحِي يطرب قلوب الأطفال منذ 37 عامًا

...
القدس المحتلة-غزة/هدى الدلو:

 

في مدينة القدس الساحرة، ينشغل الفنان الفلسطيني يعقوب أبو عرفة، والملقب بـ"نخلة الشبر"، بتقديم الفن والمسرح للأطفال بأسلوب فريد يجمع بين التعليم والترفيه، متشبَّثًا بحبه للفن والموسيقى منذ نعومة أظافره، فازدهرت الموهبة مع تقدمه في السن.

وُلد يعقوب في عام 1962 في القدس المحتلة، وبدأ باكتشاف موهبته في الأعوام الأولى من حياته، إذ كان مقلدًا جيدًا لمُمثلين مشهورين على الشاشة منهم الممثل السوري دريد لحام، والبريطاني تشارلي تشابلن، وقد أوجد شغف التمثيل والتقليد هذا حبًا للمسرح ورغبة قوية في تطوير مهاراته.

بدأ يعقوب مشواره الفني مع عدة فرق محلية وأجنبية، فتألَّق مع فرقة "صابرين المقدسية" للأغاني الملتزمة ومجموعة "وشم"، ولم يقتصر عمله على المسرح فقط، بل شارك في أعمال مسرحية مختلفة، إلى جانب تأسيس فرق مسرحية خاصة به.

واستطاع يعقوب الوصول إلى ابتكار شخصية نخلة الشبر عام 1986، لذلك عمل على تطوير شخصيته وموهبته بالتجارب المختلفة، والمشاركة في العديد من الفرق المحلية والأجنبية، فتعلَّم صناعة الدمى في إيطاليا، وصناعة الأقنعة في السويد، وكان يرغب دائمًا بالحصول على المزيد من المعلومات، ولا يوفر أي فرصة تتاح له لتطوير إمكانياته الفنية.

دلالة الاسم

ويعزو اختياره لمسرح الطفل لرغبته في إسعاد الأطفال خاصة بعد معايشته لهم، وما يعانيه الطفل الفلسطيني وبالتحديد المقدسي تحت وطأة الاحتلال، "فقلما تتوافر لهم فرص المشاركة ومشاهدة المسرحيات الهادفة التربوية التي توصل المفاهيم المجتمعية والعلمية، لذلك عملت على تطوير شخصية نخلة شبر لتكون رمزًا للطفولة الفلسطينية بأسلوب مرح مليء بالفكاهة أقدم بها رسائل تعليمية وثقافية للأطفال".

وشارك يعقوب في شخصية "نخلة الشبر" بالعديد من الحملات المجتمعية منها التشجيع على القراءة، وبعض الحملات التي تطالب بحقوق الطفل مع العديد من المؤسسات المحلية والدولية.

وفي الانتفاضة الأولى لم يكن يوجد سوى مسرح "نخلة الشبر" للأطفال، فنفّذ يعقوب عروضًا مسرحية متجولة للأطفال في أنحاء فلسطين كافة من شمالها إلى جنوبها، والمخيمات كذلك، فكانت تلك شخصية "نخلة الشبر" مصدر إلهامه وتعزيز ثقافته كفنان، وساعدته في فهم عقلية الطفل الفلسطيني.

ويلفت إلى أن لقب "نخلة الشبر" اختاره بالرغم مما يحمل من تناقض بين شجرة النخل العملاقة الطويلة التي تنتج التمر، والشبر هو شبر اليد، "فيعكس التناقض بين طموح الإنسان وأحلامه وأفكاره كشجرة النّخل المعطاءة، والشبر كالإمكانيات، فدائمًا أشجّع الأطفال على الإبداع في تحقيق أحلامهم بالرغم من قلة الإمكانيات".

ويقول: "في النهاية نجد كل شخص بمثابة نخلة الشبر اسمه على جسمه، نخلة الشبر اسمي، وقدّ الشبر جسمي، وطالع على بالي أعمل بلد باسمي وهذا شعار تلك الشخصية".

عروض بأهداف تربوية

وبالعروض التفاعلية التي تقدمها "نخلة الشبر" الشخصية الفكاهية بأسلوب كوميدي مرح توصل الرسائل للأطفال بطريقة محببة، وتقدم الألعاب الشعبية، والفلكلورية، وتتناول الموروث الشعبي القديم.

ويوضح أن "نخلة الشبر" مؤسسة قائمة منذ 37 عامًا، تعمل على تطوير مسرح الطفل وإنتاج عروض مسرحية مختلفة، وإنتاج شخصيات مختلفة للأطفال كـ"نيلون ونيلونة" مهمتهم توصيل رسائل بيئية وكيفية المحافظة عليها، وهناك شخصيات في مسرح الظل مهمتها تعليم الأطفال معالم البلدة القديمة في القدس وأسماء الأبواب وسبب تسميتها، وغيرها من المعلومات التثقيفية.

كما تنفذ ورشات تعليمية وتدريبية للأطفال سواء في مجال الموسيقى، وإنتاج دفاتر تلوين وكل واحد منها تحمل فكرة عن حقوق الطفل أو العادات الإيجابية في المجتمع المقدسي، وكيفية التعامل مع الوضع القائم.

ويرى يعقوب أن تعليم الأطفال الفنون المختلفة من مسرح، وموسيقى، ورسم، وغيرها هي أساس الحياة الفعلية والعملية، إذ تفتح لهم المجال في تطوير خيالهم وإعطائهم فرصة لتملك أداة تعبير فنية، ليعبّروا بها عن أنفسهم، مشيرًا إلى أن التسارع التكنولوجي سيحد كثيرًا من فرص العمل للإنسان في المستقبل، "ولذلك ينادي كثيرون في العالم للتعلم بالدراما والموسيقى واللعب والفنون وهو أمر لا يستطيع الروبوت القيام به".

ويسعى يعقوب لتحقيق عدة أهداف من خلال "نخلة الشبر" منها فتح الآفاق للطفل المقدسي وتوفير بيئة آمنة، والوصول إلى طفل واعٍ يمتلك القدرة على تحليل الأمور خاصة في ظل التحديات التي يعيش فيها بالقدس.

وتتمثل التحديات التي تواجه صاحب شخصية "نخلة الشبر" في قلة الموارد المالية لتطوير مسرحة الطفل، وارتفاع تكلفة تنفيذ الأنشطة، وصعوبة في إيجاد مدربين أكفّاء قادرين على إيصال الأهداف التي نسعى لتحقيقها، ليُصبح الأطفال قادرين على التعبير عن أنفسهم بالوسائل الفنيّة المختلفة.

المصدر / فلسطين أون لاين