بدأت مصانع الخياطة في قطاع غزة، بتسويق إنتاجها من الزي المدرسي، معولة على زيادة مبيعاتها عن الموسم الفائت في ظل الحماية التي وفّرتها وزارة الاقتصاد الوطني، فيما لوحظ أن الحركة الشرائية على اقتناء مستلزمات الموسم المدرسي ما زالت محدودة على أن تشتد في الأيام المقبلة.
وقالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية: إن دوام العام الدراسي الجديد 2023- 2024، سيبدأ يوم 19 آب/ أغسطس القادم في الضفة الغربية وبتاريخ 26 أغسطس في قطاع غزة.
وقد أوشكت غالبية المصانع في القطاع المحاصر الانتهاء من تصنيع الزي المدرسي الذي بدأتها قبل عدة أشهر، مع الأخذ في الاعتبار مراقبة القوة الشرائية والوضع الاقتصادي بصورته العامة.
وقال زيادة طه مالك مصنع متخصص في إنتاج الزي المدرسي، إن مصنعه بدأ قبل عدة أشهر بتصنيع ملابس المدارس من بنطلونات الجينز، والقمصان، والبلايز وغيرها لمختلف المراحل المدرسية.
اقرأ أيضًا: التغيير في الزي المدرسي.. عصريٌّ أم مبالغةٌ منبوذةٌ؟!
وذكر طه لصحيفة "فلسطين" أن مصنعه اضطر إلى العمل بطاقة إنتاجية (60%) مع أن لديه القدرة أكثر، لكنه يخشى تكدُّس الإنتاج في مخازنه دون بيع بسبب الوضع الاقتصادي المتردي لدى غالبية الأسر في قطاع غزة التي أنهكها الحصار، كما أنه ملزم بصرف من عائد المبيعات على أجور العمال، وتسديد فواتير الكهرباء والماء والطاقة البديلة.
ويشغّل طه في مصنعه 50 عاملًا بصورة دائمة ويستعين بـ20 آخرين في مواسم الأعياد والمدارس.
ومن الأمور التي يلاحظها طه كل عام، أن الزي المدرسي المخصص لطلبة الصف الأول ورياض الأطفال الأكثر شراء، فالأسر تحاول التكيف مع الوضع الاقتصادي فتتبادل الزي المدرسي لبقية المراحل المدرسية بين الإخوة والأقارب والأصدقاء.
وتحدث طه الذي يعمل في مهنة الخياطة منذ نعومة أظافره عن ضعف القوة الشرائية والمنافسة غير المتكافئة من الملابس المستوردة.
وفي السياق أفاد رئيس اتحاد صناعة الملابس في القطاع، فؤاد عودة، أن قطاع صناعة الملابس شهد تحسّنًا كبيرًا بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي.
وقد أرجع عودة في حديثه لصحيفة "فلسطين" هذا التحسن إلى التعاون المشترك مع وزارة الاقتصاد الوطني، حيث وفّرت الوزارة التسهيلات والدعم لمدخلات العملية الإنتاجية، ما سمح بتحسين جودة المنتجات وتعزيز فرص الترويج للمنتج المحلي في الأسواق.
اقرأ أيضًا: التربية تجدد عزمها على تطوير الزي المدرسي
ولفت إلى أن عدم توفّر تيار كهربائي دائم وارتفاع تكلفة نقل المواد الخام هما مشكلتان رئيستان تواجهان عملية تصنيع الملابس في قطاع غزة ويمكن أن تؤثر سلبيًّا على القطاع وتحد من قدرته على النمو والتطور.
وأشار إلى أن نقل المواد الخام من وإلى قطاع غزة تتطلب موارد مالية كبيرة ما يزيد تكلفة المواد الخام ويؤثر على السعر النهائي للمنتجات المصنعة.
ونبه عودة إلى أن إنتاج مصانع الخياطة من بنطلونات الجينز يغطي أكثر من (50%) من احتياج السوق المحلي، والجلباب المدرسي إنتاجه يصل إلى 80%، على أن ترتفع تلك النسب في غضون السنوات المقبلة.
وأكد أهمية تشجيع الجمعيات والمؤسسات الخيرية على دعم المنتج المحلي في مشاريع كسوة المدارس. وأشار إلى أن منح الأولوية للمنتج المحلي في عطاءاتها سيشكل دافعًا قويًّا لتحفيز ازدهار مصانع الخياطة وزيادة فرص التشغيل في هذا القطاع المهم.
وبيّن عودة أن الصناعة تحتاج إلى استيراد الأقمشة الخام والخيوط، التي يتم تحويلها بعد ذلك إلى قطع الملابس المطلوبة، مثل إنتاج مريول المدرسة وغيرها من الزي المدرسي.
ودعا الجهات المعنية والمؤسسات والأفراد إلى تقديم الدعم والتشجيع للصناعات المحلية لتعزيز القدرة التنافسية وتحقيق التقدم الاقتصادي المستدام.
ولفت عودة إلى قيود يفرضها الاحتلال على إدخال بعض القطع اللازمة في عملية الخياطة مثل قطع غيار الآليات المخصصة للنسيج وأعمال القص والتفصيل فيما أن إدخال ماكينات الخياطة التقليدية لا عراقيل عليها.
ونوه إلى نمو ملحوظ في حجم مبيعات صناعة الملابس في قطاع غزة وتوسُّعها في الأسواق الفلسطينية والأسواق الإسرائيلية. وقال: "إن العام المنصرم سُجلت مبيعات 22 مليون دولار، وفي الربع الأول من العام الحالي، سجلت المبيعات مبلغًا قدره 8 ملايين دولار، مما يشير إلى نمو ملحوظ بنسبة 25% في الإيرادات مقارنة بالعام السابق".
اقرأ أيضًا: مصانع الخياطة تستعد لطرح إنتاج الزي المدرسي في الأسواق المحلية
وأوضح عودة أن هذا الارتفاع في حجم المبيعات يُعزى جزئيًا إلى زيادة الإنتاج وتحسين جودة المنتجات المحلية، وكذلك تنامي الطلب على الملابس الفلسطينية في الأسواق الإسرائيلية.
وأكد أن تحقيق هذه النتائج الإيجابية يعكس الجهود المستمرة التي تُبذل في صناعة الملابس في قطاع غزة والتزامها بالتطوير والابتكار.
وفي سياق آخر، أشار عودة إلى أن الاتحاد استطاع احتضان مركز تدريب متطور لصناعة الملابس، والذي يتميز بتوفير جميع الآليات والمعدات اللازمة لتقديم خدمات تدريبية عالية الجودة، وبين أن المركز يهدف إلى تدريب راغبين جدد في اكتساب مهارات الخياطة، بالإضافة إلى تطوير مهارات وقدرات العاملين الحاليين في القطاع.
ودعا المؤسسات التمويلية والمانحين إلى دعم مشاريع طاقة شمسية لمصانع الخياطة في قطاع غزة. حيث من شأن هذه المشاريع المساهمة في تحسين استدامة الإنتاج وتقليل التكاليف العالية، ما يساعد المصانع على التحسين في الجودة والكفاءة في الإنتاج.
وحسب آخر دراسة أجراها الاتحاد فإن مصانع الخياطة تستوعب في الوقت الحالي 8000 عامل.
بدوره، أكد مدير الدراسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد الوطني، أسامة نوفل، أهمية الجهود المبذولة من قبل وزارة الاقتصاد وبالتعاون مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة في تدعيم مصانع الخياطة.
وبيّن نوفل في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الوزارة قد اتخذت مجموعة من التدابير التسهيلية، بما في ذلك تخفيض الرسوم الجمركية ومنح الإعفاءات الضريبية، بالإضافة إلى تخفيض أسعار الطاقة، بهدف تهيئة البيئة الملائمة لتعزيز تسويق المنتج الوطني.
وأهاب نوفل بالشركات المحلية المتخصصة بإنتاج الملابس، بأن تسعى جاهدة لتقديم منتجات ذات جودة عالية وأسعار معقولة، بهدف تلبية احتياجات وتطلعات المستهلكين.