فلسطين أون لاين

"المَجاعة تدمِّرُنا يومًا بعد يوم"

"الأونروا" تبدأ بتوزيع الدَّقيق جنوب القطاع.. وأربابُ الأسر: "كيسٌ واحد لا يكفي"

...
دير البلح- عبد الله يونس

بدأت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا اليوم، توزيع كيس دقيق لكافة الأسر في جنوب قطاع غزة في محاولة لمواجهة المجاعة السائدة، ولكن أرباب الأسر أعربوا عن تذمرهم لاعتبار أن كيس دقيق واحد لا يكفي لسد احتياجات أسرهم سوى أيام معدودة.

ويواجه محمد الهسي، وهو أب لعشرة أبناء، معاناة يومية في توفير الطعام لعائلته في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي فرضتها الحرب والحصار. 

يعيش الهسي هو وأسرته في خيمة صغيرة تتكدس فيها الأجساد ولا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء. يعتمدون بشكل كامل على المساعدات وتكيات الطعام للحصول على الغذاء.

يقول الهسي بحزن لـ"فلسطين أون لاين": "كيس الدقيق لا يكفي لعشرة أشخاص حتى أسبوعًا واحدًا. نحن مضطرون لتقليل الوجبات اليومية، وغالبًا ما يكتفي الأطفال بوجبة واحدة فقط". 

 

مع اشتداد الأزمة، يضطر الهسي وأبنائه إلى الوقوف في طوابير طويلة أمام المخابز على أمل الحصول على القليل من الخبز. يبدأ يومه قبل طلوع الشمس، لكنه كثيرًا ما يعود خالي الوفاض بسبب نفاد الخبز أو الإغلاق المبكر للمخابز نتيجة نقص الوقود والدقيق.

في حال فشله في توفير الخبز، يتوجه إلى التكيات الخيرية التي تقدم وجبات محدودة للنازحين. لكن حتى هذه الأماكن أصبحت تعاني من نقص حاد في الإمدادات بسبب تزايد أعداد المحتاجين. 

يضيف الهسي: "أطفالي يبكون من الجوع كل يوم، ولا أستطيع أن أوفر لهم سوى القليل من الطعام. أشعر بالعجز، وهذا الشعور يقتلني".

مع استمرار الأزمة، تحولت حياتهم إلى كفاح دائم. لا يتذكر الهسي آخر مرة شعر فيها أحد من أفراد عائلته بالشبع. يقول: "كل ما نأكله هو الخبز مع قليل من الزيت إن توفر. أما اللحوم فهي غير متوفرة فيما الخضروات حلم بعيد المنال". 

ووسط ظروف الحرب والحصار القاسي الذي يفرضه جيش الاحتلال على قطاع غزة، وجدت أم خالد نفسها وحيدة تعيل تسعة أبناء بعد أن اعتقلت قوات الاحتلال زوجها خلال الحرب. 

تعيش العائلة في خيمة غرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وتشتكي من نقص في كل شيء، الطعام، الفراش، الاغطية، الملابس الشتوية، وحتى المياه.

تؤكد أم خالد أن كيس دقيق واحد لا يكفي أسرتها سوى لأيام معدودة، وقالت لـ"فلسطين أون لاين" بنبرة مليئة بالقلق والحزن: "منذ أن اعتُقل زوجي، أصبحنا بلا معيل. أطفالي جوعى طوال الوقت، وكيس الدقيق لا يغطي احتياجاتنا".

تضيف: "أطفالي يبكون من الجوع يوميًا، ولا أعرف ماذا أفعل في ظل ارتفاع أسعار الدقيق بشكل مهول وصل إلى 800 شيكلًا الكيس الواحد. هذا أمر جنوني للغاية".

تصف الأم حياتها اليومية بأنها سباق مع الزمن لإيجاد ما يمكن أن يطعم أطفالها. ترسل أحد أبنائها الأكبر سنًا للبحث عن أي مساعدة في التكيات الخيرية أو حتى جمع بقايا الخبز من الأسواق. لكنها تشعر بالألم لأنها لا تستطيع توفير وجبات مغذية أو حتى أمان نفسي لأطفالها. 

تقول: "الجوع ليس هو الألم الوحيد، بل شعور أطفالي بأنهم مهملون وعاجزون عن تحقيق أحلام بسيطة كتناول وجبة كاملة".

وتابعت أم خالد: "أنتظر بفارغ الصبر عودة زوجي، لكن حتى ذلك الحين، لا أعلم كيف سأصمد".

ورغم الظلام المحيط بها، تحاول أم خالد أن تبقى قوية من أجل أطفالها. لكنها لا تستطيع إخفاء خوفها من المستقبل: "لا أعلم إلى متى سنتمكن من البقاء. الجوع يدمرنا يومًا بعد يوم".

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا مساء أمس الاثنين، توزيع كيس دقيق على العائلات في قطاع غزة.

وقالت الأونروا في بيان مقتضب لها: "ستبدأ الأونروا الثلاثاء بتوزيع كيس دقيق لكل أسرة مكونة من ١٠ أفراد فما فوق لطالما توفرت كميات الطحين المطلوبة دون تعثر حتى تتمكن الأونروا من مواصلة التوزيع لباقي الأسر الاقل عددا".

وفي وقت سابق أعلنت الأونروا، تعليق استلام مساعدات لقطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي جنوبي القطاع "لانعدام الأمن" فيه منذ أشهر.

وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان عبر منصة إكس: "نعلن تعليق استلام المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، الذي يُعد المنفذ الرئيسي للمساعدات الإنسانية إلى غزة. الطريق من هذا المعبر لم يكن آمنًا منذ شهور".

وأضاف: "في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تمت سرقة قافلة كبيرة من شاحنات المساعدات من قبل عصابات مسلحة".

المصدر / فلسطين اون لاين